Lamahat Min Hayat Ibn Taymiyya

Cabd Rahman Cabd Khaliq d. 1442 AH
103

Lamahat Min Hayat Ibn Taymiyya

لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية

وأما تفريقكم بقولكم المستقبل نظير قوله: ما أعطيك درهما إلا وأعطيك قبله درهما، فهذا ممكن. والماضي نظير قوله ما أعطيك درهما إلا وأعطيك قبله درهما، فهذا الفرق فيه تلبيس لا يخفى وليس بنظير ما نحن فيه بل نظيره أن يقول ما أعطيك درهما إلا وقد تقدم مني إعطاء درهم قبله. فهذا ممكن الدوام في الماضي على حد إمكانه في المستقبل ولا فرق في العقل الصحيح بينهما البتة، ولما لم يجد الجهم وأبو الهذيل وأتباعهما بين الأمرين فرقا قالوا: بوجوب تناهي الحركات في المستقبل كما يجب ابتداؤها عندهم في الماضي.

وقال أهل الحديث بل هما سواء في الإمكان والوقوع ولم يزل الرب سبحانه وتعالى فعالا لما يريد ولم يزل موصوفا بصفات الكمال منعوتا بنعوت الجلال. وليس المتمكن من الفعل كل وقت كالذي لا يمكنه الفعل إلا في وقت معين وليس من يخلق كمن لا يخلق، ومن يحسن كمن لا يحسن، ومن يدبر الأمر كمن لا يدبر، وأي كمال في أن يكون رب العالمين معطلا عن الفعل في مدة مقدرة أو محققة لا تتناهى يستحيل منه الفعل وحقيقة ذلك أنه لا يقدر عليه.

وإن أبيتم هذا الإطلاق وقلتم إن المحال لا يوصف بكونه غير مقدور عليه، فجمعتم بين محالين الحكم بإباحة الفعل من غير موجب لإحالته وانقلابه من الإحالة الذاتية إلى الإمكان الذاتي من غير تجدد سبب وزعمتم أن هذا هو الأصل الذي تثبتون به وجود الصانع وحدوث العالم وقيامة الأبدان فجنيتم على العقل والشرع، والرب تعالى لم ينزل قادرا على الفعل والكلام بمشيئته ولم يزل فعالا لما يريد ولم يزل ربا محسنا.

Page 105