فأشرف الملك من نافذته ينظر ماذا طرأ، وأشرف من معه من سائر النوافذ؛ فإذا هم برجال كالرياح أو أسرع جريا ووجهتهم القصر، فاستبشر بوليقراط برؤيتهم ووجد يعقوب ريح يوسف من أول وهلة، ثم ما هي إلا هنيهة حتى اقترب الرجال من القصر كل الاقتراب، ثم سبقهم إلى الجدار المشرف منه الملك رجل كأنه سارية، فوقف ثم صاح بصوت كادت تميد له جوانب القصر يترنم بما معناه:
بشراك يا ملك البلاد
إن الذي ترجوه عاد
عادت أميرتنا إليك
ولم يطل منها البعاد
فحين سرت هذه البشرى في حزوق المسامع السلطانية، لم يكن على الملك ساعتئذ إلا خاتم في إصبعه من أنفس ما حمل الملوك والسلاطين، فرمى به إلى البشير فتلقفه وانقلب شاكرا داعيا.
ثم تلت وفد البشرى وفود من الشعب تترى، مهنئة الملك بأناشيد المديح، من كل وزن ومعنى مليح.
ثم أقبل رسول من الأمير بهرام يحمل رسالة مختومة منه إلى الملك، فقوبل من باب القصر إلى الحجرة السلطانية بالوجوه الباشة والصدور الرحبة، حتى إذا مثل بين يدي الملك رفع إليه الرسالة، فتناولها وقرأها؛ فإذا هي قد جاء فيها ما معناه:
مولاي الملك الموقر
قد توفقت بفضل الآلهة ويمن تضرعاتك الأبوية المستجابة لوجدان الأميرة العزيزة، وأنقذتها من يد الشقي بيروس ورجاله بعد شدائد جسيمة، وأهوال عظيمة، والآن نحن عند الباب الثاني للمدينة ننتظر من حكومة جلالتك أن تهيئ لنا موكب الوصول إلى القصر، وهناك أرد إلى الملك فتاته الكريمة كما أخذتها من يد العناية، محفوظة بأكمل السلامة وأتم الرعاية.
Unknown page