واقعية التطبيق
ثانيًا: التاريخ يبرز لنا أمرًا هامًا جدًا أسميه: واقعية التطبيق، أي: أننا أحيانًا عندما نقوم ببعض القواعد النظرية تجد أنها صعبة التحقيق، لكن عندما نعرف معًا الحكاية من التاريخ نجد أن هذه القاعدة النظرية قد طُّبقت كثيرًا في مراحل التاريخ المختلفة، والأمثلة على ذلك كثيرة، ولعلنا نأخذ مثالًا مما ذكرناه في دروسنا، ذكرنا على سبيل المثال قول يحيى بن أبي كثير ﵀: لا يُستطاع العلم براحة الجسم.
وقد بعث لي أحد الإخوة برسالة يقول فيها: أنا لم أستطع تطبيق هذه القاعدة، فأعطني قاعدة أخرى أستطيع أن أكون عالمًا بها من غير موضوع تعب الجسم هذا: لا يُستطاع العلم براحة الجسم؛ لأن هذا ليس في إمكانياتي وليس في قدراتي أن أفعل مثل كذا وكذا من الأمور التي تطلبها تنام قليلًا وتعمل كثيرًا وتقدح وتركز وتتعب؟ أقول: عندما نذكر قصة يوجد فيها أن بشرًا مثله استطاع أن يفعل هذه الأمور أكثر من مرة حتى أصبحت ديدن حياته، وأصبح أمرًا متكررًا في كل مراحل حياته في الصغر والكبر، وفي الفقر والغنى، وفي الجوع والعطش، وفي الشبع والرضا، وفي كل أحواله هو يفعل هذا الأمر ويكرره، فإنا نستطيعه، فعندما أذكر لك مثالًا ومثالين وثلاثة وأكثر من ذلك، ويُصبح سنة ماضية في الأرض: أن كل العلماء الذين ذكرناهم تعبوا في حياتهم، ونعرض لمواقف التعب فإن هذا يُرسّخ المعلومة، ويعطيك شيئًا اسمه: واقعية التطبيق، أي: أن هذا الكلام واقعي، والقاعدة التي قلناها قاعدة واقعية، استطاع غيرنا من البشر وهم في ظروفنا ولهم احتياجات كاحتياجاتنا، ولهم رغبات كرغباتنا، ولهم طموحات وأحلام كطموحاتنا وأحلامنا استطاعوا أن يحققوا ذلك الأمر.
إذًا: فنحن نستطيعه أيضًا، فهذا أمر واقعي.
9 / 4