28

Kuwaiti Encyclopedia of Jurisprudence

الموسوعة الفقهية الكويتية

Edition Number

من ١٤٠٤

Publication Year

١٤٢٧ هـ

Genres

فَقَدْ جُوبِهَ بِالإِْنْكَارِ. وَكَانَ أَهْل الْفِقْهِ فِي هَذَا الْعَهْدِ يُرَاسِل بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيُنَاظِرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَنْزِل بَعْضُهُمْ عَلَى رَأْيِ بَعْضٍ، اتِّبَاعًا لِلْحَقِّ، فَإِنَّ هَذَا الْقَرْنَ قَدْ شَهِدَ لَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِالْخَيْرِ، فَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَال: خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ (١) . وَلاَ يَضُرُّ الأُْمَّةَ أَنْ يَشِذَّ مِنْهَا شَاذٌّ أَوْ يَخْرُجَ عَلَى صُفُوفِهَا خَارِجٌ، إِذَا كَانَتْ - فِي جُمْلَتِهَا - تَسِيرُ عَلَى الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ. الطَّوْرُ الرَّابِعُ: عَهْدُ صِغَارِ التَّابِعِينَ وَكِبَارِ تَابِعِي التَّابِعِينَ: ٢٣ - يَكَادُ هَذَا الطَّوْرُ يَبْدَأُ فِي أَوَاخِرِ الْقَرْنِ الأَْوَّل مِنْ الْهِجْرَةِ وَأَوَائِل الْقَرْنِ الثَّانِي، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَال: إِنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ عَهْدِ الإِْمَامِ الْعَادِل عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَكَمَا قُلْنَا: لَيْسَ هُنَاكَ حُدُودٌ زَمَنِيَّةٌ فَاصِلَةٌ بَيْنَ تِلْكَ الأَْطْوَارِ، فَهِيَ مُتَدَاخِلَةٌ يَتَلَقَّى الْخَلَفُ مِنْهَا عَنْ السَّلَفِ. وَيَتَمَيَّزُ هَذَا الطَّوْرُ بِأَنَّهُ قَدْ بُدِئَ فِيهِ بِتَدْوِينِ السُّنَّةِ مُخْتَلِطَةً بِفَتَاوَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَذَلِكَ بِأَمْرٍ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، بَعْدَ أَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِهَذَا، وَخَشِيَ أَنْ تَضِيعَ السُّنَّةُ وَأَقْوَال الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَأَنْ تُصْبِحَ طَيَّ النِّسْيَانِ مَعَ تَوَالِي الأَْزْمَانِ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ زَالَتِ الْعِلَّةُ الَّتِي خُشِيَ مَعَهَا أَنْ يَخْتَلِطَ الْقُرْآنُ بِغَيْرِهِ. فَقَدْ حُفِظَ الْقُرْآنُ فِي الصُّدُورِ وَالسُّطُورِ، وَأَصْبَحَ حَفَظَةُ الْقُرْآنِ بِالآْلاَفِ، وَلاَ يَكَادُ يُوجَدُ بَيْتٌ مُسْلِمٌ إِلاَّ وَفِيهِ مُصْحَفٌ، فَأَمَرَ حَمَلَةَ الْعِلْمِ فِي عَهْدِهِ بِأَنْ يُدَوِّنُوا مَا عِنْدَهُمْ مِنْ سُنَّةٍ وَفَتَاوَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، لِتَكُونَ مَرْجِعًا يُرْجَعُ إِلَيْهِ، وَنَمَاذِجَ يَهْتَدِي بِهَا الْمُجْتَهِدُونَ فِي حَل مَشَاكِل الْمُجْتَمَعِ الإِْسْلاَمِيِّ الْمُتَطَوِّرِ الَّذِي تَتَوَالَى فِيهِ الأَْحْدَاثُ الَّتِي تَتَطَلَّبُ أَحْكَامَهَا الشَّرْعِيَّةَ. ٢٤ - وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ زَيْفُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْمُسْتَشْرِقِينَ مِنْ أَنَّ تَدْوِينَ

(١) حديث: " خير الناس قرني. . . " رواه الشيخان وغيرهما عن ابن مسعود، وفيه زيادة (الفتح الكبير٢ / ٩٩ ط مصطفى الحلبي)

1 / 31