al-Mawsūʿa al-Fiqhiyya al-Kuwaytiyya
الموسوعة الفقهية الكويتية
Edition Number
من ١٤٠٤
Publication Year
١٤٢٧ هـ
Genres
ب - وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَمَفْهُومُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، أَنَّ التَّحْلِيفَ هُنَا عَلَى السَّبَبِ، فَيَقُول الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: بِاللَّهِ مَا اقْتَرَضْتُ، مَثَلًا.
وَاسْتَثْنَى أَبُو يُوسُفَ مَا لَوْ عَرَّضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَأَنْ قَال: قَدْ يَبِيعُ الإِْنْسَانُ شَيْئًا ثُمَّ يُقِيل، فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِل.
ج - وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ، أَنَّ التَّحْلِيفَ يُطَابِقُ الإِْنْكَارَ، فَإِنْ أَنْكَرَ الْحَاصِل يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِل، وَإِنْ أَنْكَرَ السَّبَبَ، وَهُوَ مَوْضُوعُ الدَّعْوَى - يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ. (١) وَفِي جَمِيعِ الْحَالاَتِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا التَّحْلِيفُ عَلَى السَّبَبِ إِذَا حَلَفَ عَلَى الْحَاصِل أَجْزَأَهُ؛ لأَِنَّهُ يَتَضَمَّنُ السَّبَبَ وَزِيَادَةً. وَهَذَا فِي الاِتِّفَاقِ. (٢)
افْتِدَاءُ الْيَمِينِ وَالْمُصَالَحَةُ عَلَيْهَا:
٢٥ - صَحَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ افْتِدَاءُ الْيَمِينِ، وَالصُّلْحُ عَنْهَا، لِحَدِيثِ ذُبُّوا عَنْ أَعْرَاضِكُمْ بِأَمْوَالِكُمْ (٣) وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ ﵁ افْتَدَى يَمِينَهُ، وَقَال:
(١) شرح الروض ٤ / ٤٠٠، والمغني مع الشرح الكبير ١٢ / ١٢٢ ط الأولى.
(٢) حاشية ابن عابدين ٤ / ٤٢٨ تبصرة الحكام هامش فتح العلي المالك ١ / ١٦٧، ١٧١ ط مصطفى محمد، شرح الروض ٤ / ٤٠٠، والمغني مع الشرح ١٢ / ١٢٢ ط الأولى.
(٣) الحديث رواه الخطيب في التاريخ عن أبي هريرة عن عائشة وهو ضعيف، وتمامه: قالوا: يا رسول الله: كيف نذب بأموالنا عن أعراضنا؟ قال: " تعطون الشاعر ومن تخافون لسانه ". ورواه عنها الديلمي أيضا (فيض القدير ٣ / ٥٦٠) .
خِفْتُ أَنْ تُصَادِفَ قَدَرًا، فَيُقَال: حَلَفَ فَعُوقِبَ، أَوْ هَذَا شُؤْمُ يَمِينِهِ
وَلاَ يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ بَعْدَهُ أَبَدًا؛ لأَِنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الْخُصُومَةِ. وَلأَِنَّ كِرَامَ النَّاسِ يَتَرَفَّعُونَ عَنِ الْحَلِفِ تَوَرُّعًا.
أَمَّا لَوْ أَسْقَطَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ قَصْدًا بِدُونِ مُصَالَحَةٍ أَوْ افْتِدَاءٍ بَعْدَ طَلَبِهَا، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِسْقَاطًا، وَلَهُ التَّحْلِيفُ؛ لأَِنَّ التَّحْلِيفَ حَقُّ الْقَاضِي. (١)
تَغْلِيظُ الْيَمِينِ:
٢٦ - فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ مُتَّفِقُونَ عَلَى جَوَازِ تَغْلِيظِ الْيَمِينِ. لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا بِمَ يَكُونُ التَّغْلِيظُ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ أَحَدُ الأَْقْوَال عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، إِلَى أَنَّ الْيَمِينَ تُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْهَيْئَةِ. وَذَلِكَ فِيمَا فِيهِ خَطَرٌ، كَنِكَاحٍ وَطَلاَقٍ وَلِعَانٍ وَوَلاَءٍ وَوَكَالَةٍ وَمَالٍ يَبْلُغُ نِصَابَ زَكَاةٍ.
وَالتَّغْلِيظُ بِالزَّمَانِ كَبَعْدِ الْعَصْرِ أَوْ بَيْنَ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَبِالْمَكَانِ لأَِهْل مَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، وَلأَِهْل الْمَدِينَةِ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَفِي غَيْرِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فِي الْمَسْجِدِ الأَْعْظَمِ.
وَبِالنِّسْبَةِ لِلْهَيْئَةِ قَال بَعْضُهُمْ: يَحْلِفُ قَائِمًا مُسْتَقْبِل الْقِبْلَةِ.
وَلَمْ يُجَوِّزِ التَّغْلِيظَ أَكْثَرُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ، وَقِيل: لاَ يُغَلَّظُ عَلَى الْمَعْرُوفِ بِالصَّلاَحِ.
(١) حاشية الدسوقي ٣ / ٣١١، ونهاية المحتاج ٨ / ٣٢٤، وحواشي الروض ٤ / ٤٠٤، والبجيرمي على الخطيب ٤ / ٣٥٠، ٣٥١، والمغني ٤ / ٥٢٨، ٥٢٩، وابن عابدين ٤ / ٤٤٦ ط بولاق ١٣٢٥ هـ.
1 / 240