al-Mawsūʿa al-Fiqhiyya al-Kuwaytiyya
الموسوعة الفقهية الكويتية
Edition Number
من ١٤٠٤
Publication Year
١٤٢٧ هـ
Genres
فَقِيل: هُمَا مُتَرَادِفَانِ، فَالتَّعْرِيفُ السَّابِقُ صَالِحٌ لَهُمَا. وَلاَ تُشْتَرَطُ فِي أَيٍّ مِنْهُمَا الْمُنَاسَبَةُ. وَعَلَى ذَلِكَ نَجْرِي فِي هَذَا الْبَحْثِ.
وَقِيل: إِنَّهُمَا مُتَبَايِنَانِ، فَالسَّبَبُ مَا كَانَ مُوَصِّلًا لِلْحُكْمِ دُونَ تَأْثِيرٍ (أَيْ مُنَاسَبَةٍ)، كَزَوَال الشَّمْسِ، هُوَ سَبَبُ وُجُوبِ صَلاَةِ الظُّهْرِ، وَالْعِلَّةُ مَا أَوْصَلَتْ مَعَ التَّأْثِيرِ، كَالإِْتْلاَفِ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ (١) .
وَقِيل: بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ، فَكُل عِلَّةٍ سَبَبٌ، وَلاَ عَكْسَ.
وَاتِّحَادُ السَّبَبِ هُوَ تَمَاثُل الأَْسْبَابِ لأَِكْثَرَ مِنْ حُكْمٍ أَوْ تَشَابُهُهَا أَوْ كَوْنُهَا وَاحِدًا (٢) .
ب - الاِتِّحَادُ وَالتَّدَاخُل:
٣ - التَّدَاخُل: تَرَتُّبُ أَثَرٍ وَاحِدٍ عَلَى شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، كَتَدَاخُل الْكَفَّارَاتِ وَالْعِدَدِ (٣) .
فَبَيْنَ اتِّحَادِ الأَْسْبَابِ وَتَدَاخُلِهَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ، يَجْتَمِعَانِ فِي نَحْوِ تَعَدُّدِ بَعْضِ الْجِنَايَاتِ الْمُتَمَاثِلَةِ، كَتَكْرَارِ السَّرِقَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ، فَالأَْسْبَابُ وَاحِدَةٌ وَتَدَاخَلَتْ.
(١) جمع الجوامع وحاشية البناني ١ / ٩٤ ط مصطفى الحلبي، ومسلم الثبوت ٢ / ٣٠٤ ط بولاق
(٢) البحر الرائق ١ / ٢٨ المطبعة، والفروق للقرافي ٢ / ٢٩ ط عيسى الحلبي، وشرح الروض ١ / ٥٢٣ ط الميمنية، وفواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت ١ / ٣٦٢
(٣) كشاف اصطلاحات الفنون (دخل) .
وَيَنْفَرِدُ التَّدَاخُل فِي الأَْسْبَابِ الْمُخْتَلِفَةِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مُسَبَّبٌ وَاحِدٌ، كَحَدِّ الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ. وَيَنْفَرِدُ الاِتِّحَادُ فِي نَحْوِ الإِْتْلاَفَيْنِ يَجِبُ فِيهِمَا ضَمَانَانِ، وَإِنِ اتَّحَدَا سَبَبًا (١) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
٤ - إِذَا وَرَدَ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ، وَاخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا، كَمَا إِذَا قَال: أَطْعِمْ فَقِيرًا، وَاكْسُ فَقِيرًا تَمِيمِيًّا، لَمْ يُحْمَل الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ. وَنَقَل الْغَزَالِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ الْحَمْل عِنْدَ اتِّحَادِ السَّبَبِ، وَمَثَّل لَهُ بِالْيَدِ، أُطْلِقَتْ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ فِي قَوْلِهِ ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ (٢) وَقُيِّدَتْ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ بِالْغَايَةِ إِلَى الْمَرَافِقِ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ (٣) فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ إِلَى أَنَّهَا تُمْسَحُ فِي التَّيَمُّمِ إِلَى الْمَرَافِقِ.
وَإِنِ اتَّحَدَ الْحُكْمُ مَعَ اتِّحَادِ السَّبَبِ، فَإِنْ كَانَا مَنْفِيَّيْنِ عُمِل بِهِمَا اتِّفَاقًا، وَلاَ يُحْمَل أَحَدُهُمَا عَلَى الآْخَرِ؛ لأَِنَّهُ لاَ تَعَارُضَ، لإِمْكَانِ الْعَمَل بِهِمَا، كَمَا تَقُول فِي الظِّهَارِ: لاَ تُعْتِقْ مُكَاتَبًا، وَلاَ تُعْتِقْ مُكَاتَبًا كَافِرًا، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ الْعَمَل بِالْكَفِّ عَنْهُمَا.
وَإِنْ كَانَا مُثْبَتَيْنِ (أَيْ فِي حَال اتِّحَادِ الْحُكْمِ مَعَ اتِّحَادِ السَّبَبِ) حُمِل الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ مُطْلَقًا، عِنْدَ
(١) الفروق للقرافي ٢ / ٢٩
(٢) المائدة / ٦
(٣) المائدة / ٦
1 / 200