Kuwaiti Encyclopedia of Jurisprudence
الموسوعة الفقهية الكويتية
Edition Number
من ١٤٠٤
Publication Year
١٤٢٧ هـ
Genres
لِلشَّرْعِ (١)
. وَمَعْنَى كَوْنِهِ ذَا وَجْهَيْنِ أَنَّهُ يَقَعُ تَارَةً مُوَافِقًا لِلشَّرْعِ، لاِشْتِمَالِهِ عَلَى الشُّرُوطِ الَّتِي اعْتَبَرَهَا الشَّارِعُ، وَيَقَعُ تَارَةً أُخْرَى مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ. وَالإِْبَاحَةُ الَّتِي فِيهَا تَخْيِيرٌ بَيْنَ الْفِعْل وَالتَّرْكِ مُغَايِرَةٌ لِلصِّحَّةِ. وَهُمَا وَإِنْ كَانَا مِنَ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، إِلاَّ أَنَّ الإِْبَاحَةَ حُكْمٌ تَكْلِيفِيٌّ، وَالصِّحَّةَ حُكْمٌ وَضْعِيٌّ عَلَى رَأْيِ الْجُمْهُورِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَرُدُّ الصِّحَّةَ إِلَى الإِْبَاحَةِ فَيَقُول: إِنَّ الصِّحَّةَ إِبَاحَةُ الاِنْتِفَاعِ. (٢)
وَالْفِعْل الْمُبَاحُ قَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْفِعْل الصَّحِيحِ، فَصَوْمُ يَوْمٍ مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ مُبَاحٌ، أَيْ مَأْذُونٌ فِيهِ مِنَ الشَّرْعِ، وَهُوَ صَحِيحٌ إِنِ اسْتَوْفَى أَرْكَانَهُ وَشُرُوطَهُ. وَقَدْ يَكُونُ الْفِعْل مُبَاحًا فِي أَصْلِهِ وَغَيْرَ صَحِيحٍ لاِخْتِلاَل شَرْطِهِ، كَالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ. وَقَدْ يَكُونُ صَحِيحًا غَيْرَ مُبَاحٍ كَالصَّلاَةِ فِي ثَوْبٍ مَغْصُوبٍ إِذَا اسْتَوْفَتْ أَرْكَانَهَا وَشُرُوطَهَا عِنْدَ أَكْثَرِ الأَْئِمَّةِ.
التَّخْيِيرُ:
٥ - الإِْبَاحَةُ تَخْيِيرٌ مِنَ الشَّارِعِ بَيْنَ فِعْل الشَّيْءِ وَتَرْكِهِ، مَعَ اسْتِوَاءِ الطَّرَفَيْنِ بِلاَ تَرَتُّبِ ثَوَابٍ أَوْ عِقَابٍ، أَمَّا التَّخْيِيرُ فَقَدْ يَكُونُ عَلَى سَبِيل الإِْبَاحَةِ، أَيْ بَيْنَ فِعْل الْمُبَاحِ وَتَرْكِهِ، وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَ الْوَاجِبَاتِ بَعْضِهَا وَبَعْضٍ، وَهِيَ وَاجِبَاتٌ لَيْسَتْ عَلَى التَّعْيِينِ، كَمَا فِي خِصَال الْكَفَّارَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿لاَ يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَْيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ
(١) جمع الجوامع ٤ / ١٠٠ ط الأولى ١٩١٣ م
(٢) الإسنوي على المنهاج على هامش التقرير والتحبير ١ / ٢٧
أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ (١) فَإِنَّ فِعْل أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُسْقِطُ الْمُطَالَبَةَ، لَكِنَّ تَرْكَهَا كُلَّهَا يَقْتَضِي الإِْثْمَ.
وَقَدْ يَكُونُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْمَنْدُوبَاتِ كَالتَّنَفُّل قَبْل صَلاَةِ الْعَصْرِ، فَالْمُصَلِّي مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَنَفَّل بِرَكْعَتَيْنِ أَوْ بِأَرْبَعٍ. (٢)
وَالْمَنْدُوبُ نَفْسُهُ فِي مَفْهُومِهِ تَخْيِيرٌ بَيْنَ الْفِعْل وَالتَّرْكِ، وَإِنْ رُجِّحَ جَانِبُ الْفِعْل، وَفِيهِ ثَوَابٌ، بَيْنَمَا التَّخْيِيرُ فِي الإِْبَاحَةِ لاَ يُرَجَّحُ فِيهِ جَانِبٌ عَلَى جَانِبٍ، وَلاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ثَوَابٌ وَلاَ عِقَابٌ.
الْعَفْوُ:
٦ - مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ جَعَل الْعَفْوَ الَّذِي رُفِعَتْ فِيهِ الْمُؤَاخَذَةُ، وَنُفِيَ فِيهِ الْحَرَجُ، مُسَاوِيًا لِلإِْبَاحَةِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلاَ تَعْتَدُوهَا، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا، وَعَفَا عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً بِكُمْ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلاَ تَبْحَثُوا عَنْهَا (٣) . وَهُوَ مَا يَدُل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى ﴿لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّل الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا﴾ (٤) . فَمَا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُكَلِّفْنَا بِهِ فِعْلًا أَوْ تَرْكًا،
(١) سورة المائدة / ٨٩
(٢) الهداية ١ / ٦٦ ط مصطفى الحلبي.
(٣) # حديث: " إن الله فرض. . . " رواه الدارقطني قريبا منه، والحاكم باختلاف. وهو ضعيف. (الدارقطني ٤ / ٢٩٧ - ٢٩٨ ط دار المحاسن، والمستدرك ٤ / ١١٥ ط الأولى بالمطبعة النظامية - حيدر آباد، والطبري في تفسيره موقوفا ١١ / ١١٤ ط دار المعارف)
(٤) سورة: المائدة / ١٠١
1 / 128