جلس توم في غرفته الصغيرة المبنية أعلى إسطبل الخيول ونظر في فخر وسرور إلى خطاب كان قد تسلمه لتوه من جورج شيلبي، وقد بدت له الكتابة المستديرة الصبيانية أفضل وأروع خط رآه في حياته. «اقرئيه علي مرة أخرى من فضلك سيدتي الصغيرة، هلا فعلت؟»
قال توم: «صدقيني يا سيدة إيفا، سيصبح ذلك الفتى رجلا رائعا، إنه لا يستطيع أن يوقف هذا الأمر فهذه هي طبيعته. إنه لم يبلغ من العمر سوى أربعة عشر عاما، ويمكنه أن يرسل إلي خطابا هنا يطرب له قلبي. اقرئيه علي مرة أخرى من فضلك سيدتي الصغيرة، هلا فعلت؟»
قرأت إيفا الخطاب مرة أخرى وانهمرت الدموع على وجنتي توم فيما كان يسمع الكلمات التي كتبها الفتى الذي يحبه.
جاء في الخطاب:
عزيزي العم توم العجوز؛ لقد وصلنا خطابك، ويا إلهي! نحن في غاية السرور لأن نعرف أنك مرتاح كثيرا، لكنني أفتقدك كثيرا، كلنا نفتقدك. قريبا ما سيلتئم شملنا في المنزل مرة أخرى. كانت أمي تعطي دروس موسيقى من أجل أن تجمع المال لشرائك مرة أخرى، لكن هذا لن يكون ضروريا؛ ذلك أن العمة كلوي ذهبت تعمل طاهية في لويفيل وستوفر كل ما ستجمع من مال لشرائك، وسأساعدها أنا. إنها إذا ما حصلت على أربعة دولارات في الأسبوع على مدار اثنين وخمسين أسبوعا فهذا يعني أنها حصلت على اثنين وخمسين ضعف الأربع دولارات؛ ما يساوي مائتي دولار وثمانية دولارات. إن أطفالك بخير، وطفلك الصغير يسير الآن على قدميه على نحو أفضل. كوخك مغلق الآن، لكن حين تعود سآمر بأن يكون أكبر في المساحة، وأفضل في الشكل مما كان عليه من قبل. إنني أدرس القراءة والكتابة والعديد من المواد الأخرى. هل ما زلت تحتفظ بالدولار الذي أعطيتك إياه؟ إنني أشعر بالسعادة أنني أعطيتك إياه. ولا أجد ما أقوله أكثر من ذلك، سوى أنني أحبك وأنني أدعو في صلاتي كل يوم أن تعود إلى المنزل.
محبك دائما
جورج
جلس توم إلى جوارها على الضفة المليئة بالطحالب.
تنهد توم تنهيدة طويلة بفعل شعوره بالإعجاب، وغمغم بدعوة ل «السيد جورج»، ثم خرج مع سيدته الصغيرة ليشاهدا غروب الشمس.
كانت العائلة قد انتقلت إلى منزلها الصيفي عند بحيرة بونتشارترين، وكان المنزل المبني على الطراز الهندي الشرقي محاطا بحدائق الأزهار التي تطل على مظهر جميل من المياه التي كانت تلمع في تلك اللحظة بفعل أشعة الغروب الذهبية. غاصت إيفا في كرسيها المصنوع من الخوص بينما جلس توم إلى جوارها على الضفة المليئة بالطحالب. كانت صداقة تلك الفتاة الصغيرة وذلك العبد تزداد قوة يوما بعد يوم، وكان الرجل على استعداد لأن يضحي بحياته من أجلها إذا ما تطلب الأمر؛ ذلك أنه كان يرى فيها ما لا يراه الآخرون - أن تلك الروح الطفولية الجميلة كانت تنشر أجنحتها من أجل أن تعود إلى الفردوس.
Unknown page