يا نيافة الكردينال، أيها الوزراء والأمراء:
إذا فعلنا هذا الأمر فإنما نحن مشيئة الله، وننتصر للعدل، ونمحو الظلم الذي فعلناه عن غير عمد. إن الملوك يقترفون المظالم أحيانا وهم يحسبون أنهم يفعلون العدل ويلبون أوامر الشريعة، فمثل هؤلاء يجب ألا نسميهم ظالمين؛ لأنهم لم يبنوا حكمهم إلا على ما اتصل بهم، فاعذروني إذا كنت ظلمت كولومب، وها أنا أطلب المغفرة من التاريخ. (يدخل الحاجب.)
الحاجب :
مولاي، صان الله مملكة إسبانيا من كل داهية، وحفظ جلالة ملكها الأعظم (ويقدم الرسالة) .
فردينان (بعدما يقرأ الرسالة) :
أنعى إليكم أيها الوزراء كريستوف كولومب المكتشف العظيم، مات ولكن آثاره لم تمت، قضى ويا لهف نفسي عليه! فقد عاش عظيما ومات عظيما، مات مكسور الخاطر وليته عاش إلى هذه الساعة لكان فارق الحياة قرير العين عزيزا كريما، ولكن لله في خلقه شئون، سر يا كولومب بأمان إلى العرش السموي، واصفح عن سيئات هذا العرش الترابي؛ لأنه لم ينصفك لأنك مت مظلوما، وأنت يا روحه الطاهرة فسيري على أجنحة الملائكة، وارقدي في حضن إبراهيم في عالم الحق والنور، في عالم الحياة الأبدية، ترثيك يا كولومب مآثرك الغراء وتبكيك أياديك البيضاء، وتنوح عليك الإنسانية جمعاء، فقد كنت لها أعظم نصير، تندبك البلدان التي افتتحتها، ويرثيك العالم الجديد الذي أطلعت في سمائه بدور المدنية وشموس الدين الساطعة، تؤبنك إسبانيا وتقر فوق قبرك بفضلك العظيم، فقد خلدت لها في التاريخ ذكرا لا يمحى، يندبك فردينان ملك إسبانيا ويكفر عن إثمه إليك بهذه الدموع، لقد مت حانقا علي يا كولومب ولا يبعد أن تكون أمطرت علي صواعق اللعنات، ولكن لا، فأنت مسيحي حقيقي تصفح عمن أساء إليك، فسر بسلام إلى ملكوت الله حيث تجتمع على مائدة الأبرار والصديقين بمليكتك إيزابل.
ألونزو :
مولاي، ما هذا الانفعال؟!
فردينان :
اسكت فالرجل يستحق أعظم من هذا، والآن بما تراني أكفر عن ذنبي يا ترى؟ (يفتكر ثم يقول)
Unknown page