Knowledge by Uthaymeen
العلم للعثيمين
Investigator
صلاح الدين محمود
Publisher
مكتبة نور الهدى
Genres
إن الرجل إذا خالفك بمقتضى الدليل عنده فإنه موافق لك في الحقيقة؛ لأن كلًّا منكما طالب للحقيقة وبالتالي فالهدف واحد وهو الوصول إلى الحق عن دليل، فهو إذن لم يخالفك ما دمت تقرّ أنه إنما خالفك بمقتضى الدليل عنده، فأين الخلاف؟ وبهذه الطريقة تبقى الأمة واحدة وإن اختلفت في بعض المسائل لقيام الدليل عندها، أما مَنْ عاند وكابر بعد ظهور الحق فلا شك أنه يجب أن يعامل بما يستحقه بعد العناد والمخالفة، ولكل مقام مقال.
الأمر الخامس: العمل بالعلم:
أن يعمل طالب العلم بعلمه عقيدة وعبادة، وأخلاقًا وآدابًا ومعاملةً؛ لأن هذا هو ثمرة العلم وهو نتيجة العلم، وحامل العلم كالحامل لسلاحه، إما له وإما عليه، ولهذا ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: "القرآن حجة لك أو عليك" ١.
لك إن عملت به، وعليك إن لم تعمل به، وكذلك يكون العمل بما صح عن النبي ﷺ بتصديق الأخبار وامتثال الأحكام، إذا جاء الخبر من الله ورسوله فصدِّقه وخُذه بالقبول والتسليم ولا تقل: لِمَ؟ وكيف؟ فإن هذا طريقة غير المؤمنين فقد قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: ٣٦] .
والصحابة كان النبي ﷺ يحدثهم بأشياء قد تكون غريبة وبعيدة عن أفهامهم، ولكنهم يتلقون ذلك بالقبول لا يقولون: لِمَ؟ وكيف؟ بخلاف ما عليه المتأخرون من هذه الأمة، نجد الواحد منهم إذا حُدِّث بحديث عن الرسول ﷺ وحارَ عقله فيه نجده يورد على كلام الرسول ﷺ الإيرادات التي تستشف منها أنه يريد الاعتراض لا الاسترشاد، ولهذا يُحال بينه وبين التوفيق، حتى يردّ هذا الذي جاء عن الرسول ﷺ؛ لأنه لم يتلقه بالقبول والتسليم.
_________
١ صحيح: رواه مسلم ٢٢٣. والترمذي ٣٥١٧. والنسائي ٢٤٣٧. وابن ماجة ٢٨٠. وأحمد ٥/٣٤٢، ٣٤٣.
1 / 26