عمل سويتونيوس، الذي ولد نحو عام 69 ميلاديا، أيضا تحت حكم الإمبراطور هادريان. طرده هادريان من العمل ككاتب للبلاط عام 120 / 121 ميلاديا. ونظرا لعمله ككاتب فقد سجل الأحداث وذكر تعليقات بسيطة بدلا من تحليل مصادره نقديا. ذكر كليوباترا في ثلاث من سيره؛ عن يوليوس قيصر (الفصلان 35 و52، جونز 2006: 46-52 و54-55 و78-79 و87-88)، وأغسطس (الفصلان 17 و69، جونز 2006: 129-134 و144-146 و201-202)، ونيرو (الفصل الثالث).
عاش جالينوس من عام 130 حتى 200 ميلاديا تقريبا. كان طبيبا من مدينة بيرجامون درس في الإسكندرية وسجل العلاج الذي كانت تستخدمه كليوباترا لتساقط الشعر (رولاندسون 1998: 41). ربما ارتبط هذا العلاج بالصلع الذي أصاب يوليوس قيصر أو ربما كان رواية تناقلها الباحثون والدارسون في الإسكندرية. (2-5) الكتاب الرومان في القرنين الثاني والثالث الميلاديين
عاش المؤرخ ديو من عام 150 حتى 235 ميلاديا تقريبا وكان عضوا في مجلس الشيوخ الروماني تحت حكم الإمبراطور كومودوس. يضم كتابه «التاريخ الروماني» سردا للحرب بين بومبي ويوليوس قيصر وغزو أوكتافيان، الذي أدى إلى تأسيس الإمبراطورية الرومانية. ذكرت كليوباترا في عدة أجزاء (جونز 2006: 31 وانظر أيضا 336). هذا وقد استخدم كاسيوس ديو كمؤرخ تيتوس ليفيوس مصدرا له.
عاش فيلوستراتوس، وهو مواطن روماني، في طفولته في الجزء التابع لأثينا من جزيرة ليمنوس؛ فيعتقد أنه ولد نحو عام 170 ميلاديا. ذكرت كليوباترا على أنها مثال على الفساد الأخلاقي والفجور في كتابه الذي يحمل عنوان «حياة السفسطائيين» (رايت 1952). إن كتابه هذا مثال جيد على النظرة التي كانت تعتبر كليوباترا مؤثرا سلبيا على من حولها؛ فقد استخدم كثير من الكتاب الرومان قبضتها المحكمة على الرجال لتفسير سقوط «ضحاياها» الرومان. ذكرت كليوباترا في مقطع شعري في الفصل الخامس من المجلد الأول، حيث جرى الحديث عنها من منظور علاقتها برجل مصري يدعى فيلوستراتوس درس الفلسفة مع الملكة، وهو ما يفسر مديحه لها. (3) المصريون والأفارقة
لم يكن يوجد بين الكتاب الذين تحدثنا عنهم حتى الآن صلة أو علاقة شخصية بمصر تتعدى مجرد زيارتهم لها؛ لذلك لا عجب من تبني الكثير منهم وجهة نظر عدائية تجاه كليوباترا. نتحدث في هذا الجزء عن عدد من المؤرخين الذين ينتمون إلى شمال أفريقيا من أجل استكشاف احتمال وجود وجهة نظر أخرى مضادة لوجهة نظر كثير من المؤلفين الرومان. وقد كان الغالبية العظمى من هؤلاء المؤرخين رعايا رومانيين، كما سنرى.
ولد أبيان في الإسكندرية، تقريبا في أثناء حكم دوميتيان (جونز 2006: 38-41، و79-80، و103). تولى منصبا إداريا في المدينة لكنه انتقل إلى روما عقب حصوله على الجنسية الرومانية. عند مقارنة روايات كل من ديو وأبيان تظهر جليا الاختلافات بين توجهات كلا الكاتبين (جوينج 1992). على الرغم من أن أبيان كان يؤمن بالفكرة الراسخة نفسها التي تزعم أن كليوباترا والإسكندرية كان لهما تأثير سيئ على أنطونيو الذي كان ضعيفا بالفعل، فإنه لا يلوم خلفية كليوباترا المصرية، ولا يصف المصريين بأنهم شخصيات مثيرة للمشاكل كما يظهر في كثير من أمثلة الأدب الروماني (جوينج 1992: 115 و117-118). قيل أيضا إن أبيان، كمواطن مصري، لم يكن يعتقد بالضرورة أن الغزو الروماني أدى إلى تحسين الحكم في مصر (جوينج 1992: 115، رقم 60). ويبدو على الأرجح أنه لم يكن مناسبا لمؤرخ إسكندري أن يعترف بأن مدينته أسهمت مباشرة في سقوط أنطونيو (جوينج 1992: 122).
ينتمي إلى مصر أيضا الخطيب والنحوي أثينوس، الذي ألف كتابا بعنوان «مأدبة العلماء» عام 192 ميلاديا بعد وفاة كومودوس بفترة. ولد هذا المؤلف في مدينة ناوكراتيس في دلتا مصر، ويشتهر ككاتب بذكائه وروحه الفكاهية أكثر من دقته التاريخية. ومع ذلك، فإن كتابه أصبح مصدرا مهما لتاريخ المهرجانات البطلمية، ويذكر كليوباترا في المجلد الرابع ويشير إلى بزخ ولائمها (طومسون 2000).
يبدو أن المؤرخ والشاعر الأفريقي فلورس، الذي عاش في أواخر القرن الأول الميلادي وأوائل القرن الثاني، لم يشعر بأي تعاطف نحو الملكة. فقد كانت مصادره لمعرفة التاريخ الروماني هي ليفيوس وسالوست ويوليوس قيصر وسنيكا الأكبر وفيرجيل ولوكان (جونز 2006: 62)، وعلى الرغم من مولده في أفريقيا، فإنه عاش في روما، وأقام لفترة قصيرة في إسبانيا، ثم عاد إلى إيطاليا مرة أخرى في أثناء حكم الإمبراطور هادريان. ذكرت فكرة أن كليوباترا كانت عاهرة وحسناء لا تقاوم فتنتها في مؤلفات الحاكم والكاتب الأفريقي أوريليوس فيكتور، الذي عاش في القرن الرابع الميلادي، في سيره التي تحمل عنوان «عن أشهر الرجال»، وتغطي الحقبة الجمهورية الرومانية. (4) المؤرخون المصريون المسيحيون والمسلمون الأوائل
كانت هناك على الأرجح رواية مصرية بديلة للأحداث التاريخية الرومانية المكتوبة، لم تسجل حتى القرن السابع الميلادي، عندما كتب يوحنا، أسقف مدينة نقيوس في صعيد مصر كتاب «تاريخ مصر» (الدالي 2004: 132). وقد اقترح مؤخرا أن هذا الكتاب قد كتب باللغة العربية بدلا من اليونانية أو القبطية (الدالي 2004: 132 نقلا عن عبد الجليل 2000: 260-262). كتب يوحنا في كتابه «تاريخ مصر» أن كليوباترا كانت «الأكثر شهرة وذكاء بين النساء» (ترجمة تشارلز 1916: 48-50). تكرر ظهور هذا المفهوم على يد الكتاب المسلمين في القرن العاشر، مثل المسعودي الذي وصف كليوباترا على أنها «آخر الحكماء في اليونان» (الدالي 2004: 133).
كانت شخصية كليوباترا التي ظهرت في النصوص الإسلامية المبكرة مختلفة تماما عن تصوير الكتاب والمؤرخين الرومان لها (الدالي 2004: 121-122 و130-137 و142)؛ فقد ظهرت على أنها طالبة علم وطبيبة وعالمة وفيلسوفة ومعمارية (وإن كان ربط خطأ بينها وبين مشروعات بناء نفذها أسلافها). يشير فصل «الغرام العربي بكليوباترا» من كتاب الدالي «علم المصريات: الألفية الضائعة» (الدالي 2004: 135-136) إلى أن الملكة قد شبهت بالإسكندر، ما يعتبر دليلا على مكانتها كشخصية تاريخية. ويقول الدالي إن كليوباترا المذكورة في كتابه هي سيدة ذكية ذات طموح سياسي كبير، وهي سيدة ظهرت أيضا في بعض المصادر الرومانية، مثل الفصول الأخيرة من كتاب بلوتارخ «حياة أنطونيو». يحتمل أن يكون الكتاب والمؤرخون العرب والمسلمون قد استخدموا بعض المصادر نفسها التي استخدمها الكتاب الرومان التقليديون، لكنهم اختاروا ببساطة تعزيز جانب أكثر إيجابية من شخصية هذه الملكة والاحتفاء بطموحها وقوتها السياسية. إحدى المفارقات الكبرى أنه في ظل المفهوم الغربي واسع الانتشار عن الثقافة الإسلامية المعاصرة، نجد أن التراث الإسلامي تعامل مع كليوباترا مثل أي شخصية تاريخية ذكورية. ومع ذلك، فإن من لديهم معرفة أكبر بصورة كليوباترا في مصر حاليا، لن يفاجئوا عند العثور على سرد تاريخي متأصل في التراث الثقافي الإسلامي المبكر يثني على الملكة. (5) بدائل للمصادر الأدبية والتاريخية
Unknown page