وسألته: عن قوله: ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها، فقد يكون أن يكشف عنها عماها ويريها من آياته ودلائله عيانا ما يحدث لها معرفة وإيقانا لا يكون معه لها أجر، ولا يجب به لها ذخر ويكون منها درك اضطرار لإدرك نظر، ولا فكرة ولا اعتبار، وفي ذلك وبه الجزاء والثواب وعلى ترك ذلك وفي إغفاله ما يجب العقاب، وهو وإن كان كذلك فعلى ما وصفنا من ذلك فهدى وبصيرة وغير حيرة ولا ضلال، وفيه: إذا كان ما أخرج أهله من الجهل بالهدى، ومن الضلال وهذا رحمك الله فوجه من الهدى لا ينكره ولا يجهله من أبصر واهتدى وما كان لهذه الآية مشابها ونظير ا، فكفى بهذا الجواب فيه حجة وبرهانا منيرا.
وسألته: عن يونس صلى الله عليه وقول الله سبحانه فيه: وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه إعلم رحمك الله أن قوله: فظن أنه ليس يخبر عن يونس بظن ظنه لأنه لو كان كذلك منه لزال إسم الإيمان عنه ولا يزول إسم الإيمان في حال عن من خصه الله بالإرسال، وفي ذلك لو كان يجهل للمرسل فيمن يصطفي ويختص من الرسل، ولكن فظن قولا من الله في يونس قاله يبين للسامعين زلة يونس وإغفاله يقول سبحانه: فظن يونس أن لن نقدر عليه في أباقته من الفلك إلى من أبق إليه فهو ليس يظن، ولكنه مقر موقن بقدرتنا عليه ونفاذ أمرنا فلما أبق إلى الفلك فأتا هاربا، وذهب مع نفسه بقدرتنا عليه مغاضبا إلا لإغفاله وزلته التي نجاه الله منها بتوبته فهذا وجه فظن أن لن نقدر عليه الذي لا يجوز غيره من الوجوه، وهو كلام صحيح لا تنكره فيه العقول.
Page 34