Kitab Fihi Masail
كتاب فيه مسائل عن القاسم بن إبراهيم(ع)
Genres
وكذلك التزيين لأعمالهم لما أن كان من الله السبب الذي كان به التزيين جاز أن يقال: زين الله لهم أعمالهم لا أن الله فعل التزيين للكفرة، ولا شاءه ولا أراده منهم ولا ارتضاه ولا أغفل سبحانه عن ذكره قلوبهم بل نهاهم عن ذلك وعاقب من كان من الخلق كذلك فعلى هذا المثال والمجاز من قول الله جاز أن يقال: النجم والشجر يسجدان وإن كانا في أنفسهما لعدم استطاعة التخيير لم يسجدا ولكن لعجيب تدبير الله وصنعه فيهما إذا سجدا عباده المعتبرين وأخشعا من كان ذا خشية لرب العالمين.
وأما قوله: والسماء رفعها ووضع الميزان ) ألا تطغوا في الميزان ) وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان فإخبار منه جل جلاله بما رفع السماء بلا عمد ودلالة منه على قدرته لكل أحد، قوله: وضع الميزان فهو جعل الميزان. ودل عليه وجعل حكما عدلا بين عباده لا حيف ولا ظلم فيه ثم نهاهم عن الظلم فيه وأمرهم باتباع القسط فيه والوزن بالحق والإحسان ونهاهم عن البخس والعدوان.
ثم قال: والأرض وضعها للأنام فيها فاكهة يقول: دحاها وللأنام مهدها وأخرج لهم ما ذكر من فاكهتها تفضلا عليهم بها وإحسانا منه إليهم فيها، والنخل ذات الأكمام فالأكمام قشر الطلعة والغلاف الذي يكون فيه الشماريخ قبل إتساق أكمامها والحب ذو العصف والريحان، والحب: فهو الحنطة والشعير وغير ذلك مما جعله اللطيف الخبير والعصف فهو الحب الأجوف الذي لا حشو فيه ولا صلابة لديه، وذلك الواحد الجليل فيما خبر من فعله في أصحاب الفيل حين يقول فجعلهم كعصف مأكول، ثم قال: فبأي آلا ربكما تكذبان.
فمعنى فعنا بذلك من خلق من الإنسان والجان والمناجيان في سورة الرحمن فهما الثقلان، ألا تسمع كيف يقول سبحانه: يا معشر الجن والإنس إن استطعتهم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان.
Page 102