وينبغى فى الأخلاق ما ينبغى فى نظم الأعمال من التزام الضرورى والراجح دائما، بحيث يكون المرء الذى له خلق ما جاريا فى أقواله وأفعاله على مقتضى الضرورة أو الرجحان، كما يكون حدوث أمر بعد آخر جاريا على مقتضى الضرورة أو الرجحان. وبين من ذلك أن نهاية القصص ينبغى أن تصدر عن القصة نفسها لا عن حيلة مسرحية كما فى تراجيدية «ميديا»، أو كرجوع السفن فى «الإلياذة»، فينبغى إلا تستعمل الحيلة المسرحية إلا فى الأمور الخارجية عن حدود التمثيلية والواقعة قبلها، والتى لا يكون للمرء سبيل إلى معرفتها، أو فى الأمور التالية التى يحتاج إلى التنبؤ بها وإعلأنها، فإننا ننسب إلى الآلهة أنهم مطلعون على كل شئ. أما ما يخالف العقل فلا ينبغى أن يقع فى الأعمال إلا أن يكون ذلك خارج التراجيديا، كالذى يقع من ذلك فى «أوديبوس» لسوفوكليس.
وبما أن التراجيديا هى محاكاة لأناس أفضل ممن نعرف فينبغى أن يصنع بها مثل صنيع المصورين الحذاق فى صورهم، فهؤلاء — مع اعتمادهم أداء هيئة من يحاكون — يصورونهم شبيهين بالواقع وإن كانوا أجمل منه. وكذلك يجب على الشاعر حين يحاكى أناسا سريعى الغضب أو بليدى الحس أو بأخلاقهم عيب كهذين — يجب عليه أن يصورهم كذلك وإن جعلهم أحسن مما هم، كما صور أجاثون أو هوميروس خلق أخيل. هذا ما ينبغى أن يلاحظ، وينبغى أن يراعى معه عمل الحواس الذى يرتبط ضرورة بصنعة الشعر. فكثيرا ما يقع الخطأ فيه. وقد تكلمنا فى ذلك كلاما كافيا فى مقالاتنا التى أذعناها.
[chapter 16]
Page 92