Book of Monotheism
كتاب التوحيد
Investigator
د. فتح الله خليف
Publisher
دار الجامعات المصرية
Publisher Location
الإسكندرية
Genres
Creeds and Sects
بالقمر أَنه لَا يعرف وَحده وَلَا سعته ليوقف ويحاط بِهِ وَيرى بِيَقِين وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
قَالَ أَبُو مَنْصُور ﵀ وَالْأَصْل فِيهِ القَوْل بذلك على قدر مَا جَاءَ وَنفى كل معنى من مَعَاني الْخلق وَلَا يُفَسر لما لم يَجِيء فِي ذَلِك تَفْسِير وَالله الْمُوفق
ثمَّ احْتج الكعبي بِأَنَّهُ الْإِدْرَاك وَقد بَينا ذَلِك ثمَّ زعم أَن الْعلم بالغائب إِذْ لم يخرج عَن الْوُجُوه الَّتِي بهَا يعلم فَكَذَلِك لَا يرى إِلَّا بالوجوه الَّتِي بهَا يرى من المباينة للمرئى وَلما حل فِيهِ المرئى بالمسافة والمقابلة وإيصال الْهَوَاء والصغر وَعدم الصغر والبعد وَلَو جَازَت الرُّؤْيَة بِخِلَاف هَذَا لجَاز الْعلم بِهِ
وَقَالَ أَبُو مَنْصُور ﵀ وَقد أَخطَأ فِي هَذَا الْفَصْل بِوُجُوه أَحدهَا أَنه قدر بِرُؤْيَة جوهره وَقد علم أَن غير جوهره جَوَاهِر يرَوْنَ من الْوَجْه الَّذِي لَا يقدر على الْإِحَاطَة بجوهره فضلا عَن إِدْرَاك بَصَره نَحْو الْمَلَائِكَة وَالْجِنّ وَغَيرهم مِمَّا يروننا من حَيْثُ لَا نراهم والجثة الصَّغِيرَة نَحْو البق والبعوض وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يرى لما لَو توهم ذَلِك الْبَصَر لما احْتمل الْإِدْرَاك وَيرى الْملك الَّذِي يكْتب جَمِيع أفعالنا وَيسمع جَمِيع أقوالنا على مَا إِذا أردنَا تَقْدِير ذَلِك بِمَا عَلَيْهِ جبلنا للَزِمَ إِنْكَار ذَلِك كُله وَذَلِكَ عَظِيم وَكَذَلِكَ مَا ذكر من نطق الْجُلُود والجوارح وَغَيرهَا مِمَّا لَو امتحن بِمِثْلِهَا أَمر الشَّاهِد لوجد عَظِيما
وَبعد فَإِنَّهُ فِي الشَّاهِد يفصل بَين الْبَصَر فِي الرُّؤْيَة والتمييز على قدر تفاوتهما بِمَا اعتراهما من الْحجب مِمَّا لَو قَابل أَحدهمَا حَال الآخر على حَالَته وجده مستنكرا وَإِذا كَانَ كَذَلِك بَطل التَّقْدِير بِالَّذِي ذكر وَالله الْمُوفق
وَأَيْضًا أَنه فِي الشَّاهِد بِكُل أَسبَاب الْعلم لَا يعلم غير الْعرض والجسم ثمَّ جَاءَ من الْعلم بالغائب خَارِجا مِنْهُ فَمثله الرُّؤْيَة وَالله أعلم
1 / 82