ورأى «أفلاطون»
2
أن في الإنسان قوى ثلاثا إذا اعتدلت نشأت عنها الفضائل، وهذه القوى هي: القوة العاقلة، وهذه إذا إعتدلت نشأ عنها فضيلة الحكمة، والقوة الغضبية، وهي إذا إعتدلت نشأ عنها الشجاعة، والقوة الشهوية أو البهيمية وهي إذا إعتدلت نشأ عنها العفة وهذه الفضائل الثلاث باعتدالها جميعا ينشأ عنها العدل، فالعدل تتصف به النفس عند أداء هذه القوى الثلاث وظائفها باعتدال، وعندما تكون متساندة بحيث تتعاون كل قوة مع أخرى. فأصول الفضائل عنده أربعة: الحكمة والشجاعة والعفة والعدل.
أما «أرسطو»
3
فكان يذهب إلى أن أساس الفضائل «خضوع الشهوات لحكم العقل» وبعبارة أخرى «تسليم زمام الشهوات للعقل يقودها» وهناك طرفان ينبغي تجنبهما، الطرف الأول محاولة استئصال الشهوات ، والطرف الثاني إرخاء العنان لها والإنهماك فيها، إنما الفضيلة الإعتدال، فلا يطغى أحدهما على الآخر.
وقد جر هذا القول «أرسطو» إلى وضع «نظرية الأوساط» أى أن كل فضيلة وسط بين رذيلتين، الإفراط والتفريط، فالشجاعة وسط بين التهور والجبن، والكرم وسط بين الشرف والبخل، والعفة بين الفجور والخمود إلخ. وهناك فضائل لم تضع اللغة أسماء لطرفيها الرذيلين، ولكن هذا لا ينفي أن الفضيلة في هذه الحالة أيضا وسط بين رذيلتين.
وقد اعترض على هذه النظرية بأن هناك كثيرا من الفضائل لا يظهر فيها أنها وسط بين رذيلتين كالصدق والعدل، فليس هناك إلا صدق وكذب، وظلم وعدل.
وبأن بعض الفضائل ليس وسط الرذيلتين، فإن الشجاعة ليست على بعدين متساويين من التهور والجبن، بل هي أقرب إلى التهور، وكذلك الكرم أقرب إلى الإسراف منه إلى البخل.
واتبع بعض المحدثين طريقة أخرى في تقسيم الفضائل، فقالوا: إن الفضائل إما فضائل شخصية، كضبط النفس وتهذيبها، وإما فضائل اجتماعية كالعدل، فالفضائل الشخصية هي الفضائل التي تنظم حياة الفرد، وتجعل ملكاته وقواه في حالة تعادل ورقي، وأما الفضائل الإجتماعية فهي الفضائل التي تجعل الإنسان في وفاق مع من حوله من الناس وترقي شؤونهم، نعم إن النوعين من الفضائل يتوقف كل منهما على الآخر، فإنه إذا انعدمت الفضائل الشخصية لا يمكن تحصيل الخير للمجتمع، ولا سيره في طريق رقيه، ولا إيصال الحقوق للناس، وإذا انعدمت الفضائل الإجتماعية ساءت أخلاق الفرد، ولم يستطع أن يرقي نفسه ترقية تامة، ولكن يمكن التمييز بين النوعين بسهولة. (4) طرق غرس الفضائل
Unknown page