فلاحت في عينيها نظرة حزن وقالت: ولكنك تزمع العودة .. أليس كذلك؟ - نعم يا مولاتي وحق حياتي التي هي لك .. وحق هذه المقصورة المقدسة!
فمدت إليه يدها وقالت: إلى الملتقى!
فلثم يدها وقال: إلى الملتقى! •••
واستقبله لاتو بذراعين مفتوحتين وعينين دامعتين وضمه إلى صدره، وتعلق أحمس بعنقه ولثم جبينه، ورفعت القافلة مراسيها وأطلقت لنفسها العنان، ووقفوا يودعون سفينة الأميرة بأبصارهم وهي توغل في الشمال وهم يوغلون في الجنوب، حتى ارتدت عنها الأبصار وهي كليلة.
وعادوا إلى المقصورة وأخذوا مجالسهم وكأن شيئا لم يقع.
وجعل إسفينيس يعلل نفسه بمشاهدة القرى ورجالها الأشداء ذوي الأجسام النحاسية، ولكن قلبه كان ينزع به إلى المقصورة، هل يداخل لاتو شك؟ .. إن لاتو رجل كريم شاخ قلبه وزهد كل شيء إلا حب مصر، وهو نفسه لا يخلو من هم يساوره ولا يدري أأخطأ أم أصاب، ولكن من من بني الإنسان يستطيع أن يبلغ هدفه كما قدر له من قبل دون حسبان لما يجد من الأمور؟ .. فلرب قاصد إلى جبل يجد نفسه منحدرا في واد عميق، ولرب مزمع صيد أراش له نبلا يلقى الصيد منقضا عليه ومطارده.
15
واجتازت القافلة حدود مصر في سلام، فصلى رجالها للرب آمون صلاة جامعة حارة، وشكروا ربهم على ما هيأ لهم من سبل النجاة، ودعوه أن يدني إليهم آمالهم ويحفظ نساءهم من كل سوء، وصعدت القافلة في النهر أياما وليالي حتى رست عند جزيرة صغيرة للراحة والاستجمام، فدعا لاتو الرجال إلى النزول إلى أرض الجزيرة، ووقف بينهم وإسفينيس إلى يمينه ثم قال لهم: أيها الإخوان، دعوني أصارحكم بسر أخفيته عنكم لحكمة لن تخفى عليكم؛ ألا فاعلموا أننا رسولا أسرة مليكنا الشهيد سيكننرع إليكم، وأن مليككم كاموس ينتظر مقدمكم الآن في نباتا.
فلاحت الدهشة في وجوه الرجال، وسأل البعض وهم لا يملكون أنفسهم من الفرح: أحق أيها السيد لاتو أن أسرتنا الفرعونية في نباتا؟
فحنى رأسه بالإيجاب مبتسما، فسأله آخرون: هل توجد هناك أمنا المقدسة توتيشيري؟ - نعم .. وستبارككم في الغد القريب. - ومليكنا كاموس بن سيكننرع؟ - نعم وسوف ترونه بأعينكم، وتسمعون إليه بآذانكم. - وولي العهد أحمس؟
Unknown page