اوكل شخص يعرف مرتبته علما ضروريا يجري إليها ولا ينزل إلا فيها كما الجري الطفل إلى الثدي لو رام أحدهم أن ينزل في غير مرتبته لما قدر ولو ارام أن يتعشق بغير منزلته لما استطاع بل يرى في منزله أنه قد بلغ منتهى أمله وقصده فهو يتعشق بما هو فيه من النعيم تعشقا طبيعيا ذاتيا ولولا ذلك لكانت ادار ألم وتنغيص ولم تكن جنة ولا دار نعيم، غير أن الأعلى له نعيم بما هو افيهيه في منزلته وعنده نعيم الأدنى. قال: وأدنى الناس منزلة مع أنه ليس هناك أدنى من لا نعيم له إلا بمنزلة خاصة، وأعلاهم الذي لا أعلى منه من ل انعنيم بالكل، فعلم أن كل شخص نعيمه مقصور عليه فما أعجب هذا الحكم ام إذا نزل الناس في الكثيب للرؤية وتجلى الحق تعالى تجليا عاما كان التجلي واحدا من حيث العين وكثيرا من حيث اختلاف الصورة، فإذا رأوه انصبغوا عن أخرهم بنور ذلك التجلي فمن علمه في كل معتقد شرعي فله كل معتقد من علمه في اعتقاد خاص لم يكن سوى نور صورة ذلك المعتقد.
قال: واعلم أن الخلق في حال الرؤية لا بد أن يفنوا عنهم، فلم يقع لهم لذ في زمان رؤيتهم فإن اللذة عند أول التجلي حكم سلطانها عليهم فأفنتهم عنها وعن أنفسهم فهم في اللذة في حال فناء لعظيم سلطانها؛ قال: وهذا ذوق اريب لا يعرفه إلا من ذاقه لا يقدر على إنكاره من نفسه. قال: وإذا وقع الأهل الجنة رؤية الله عز وجل كان الناس فيها على أقسام: فمنهم من يرى به بباصر العين ومنهم من يراه بكلها، ومنهم من يراه بجميع وجهه ومنهم من يراه بجميع جسده وهذه تكون للأنبياء وكمل ورثتهم بحكم التبع لهم وقال : وليس بين الخلق وبين ربهم هناك إلا حجاب العظمة لا غير: ووهو أنهم يرونه بقدر وسعهم وطاقتهم لا غير من غير إحاطة، فقصورهم عن الإحاطة هو حجاب العظمة. قال : وتشبيهه رؤيتنا لله تعالى برؤيتن الشمس والقمر ليس المراد بها رؤيتنا لهما حال ضوئهما، وإنما المراد رؤيتنا الهما حال كسوفهما لأن البصر عند ذلك يدرك ذات الشمس والقمر التي لا اقبل الزيادة النورية ولا النقصان فهذا هو الإدراك المحقق لذات الشمس ولذلك لما قيل له أرأيت ربك يا رسول؟ الله فقال: نور أنى أراه؟ يعني: كيف أراه ونوره شعشعاني يخطف الأبصار لأنه ليس من جنس النور المخلوق
Unknown page