219

إنه لا يعرف ما في جيبه ولا يفرق بين المحسوسات مع كونها بين يديه جهلا ابها لا غفلة عنها ولا نسيانا وذلك لما حققه الحق به من حقائق الوصال؛ قال اسيد هذا المقام "أنتم أعرف بمصالح دنياكم".

وقال : إياكم أن تعترضوا على المجتهدين وتجعلوهم محجوبين على الإطلاق فإن لهم القدم الراسخ في الغيوب وإن كانوا يحكمون بالظنون فظنونهم علوم وما بينهم وبين أهل الكشف إلا اختلاف الطريق لكن أهل الكشف يدعون إلى الله على بصيرة لصدقهم في الاتباع بوقوفهم على حد ما ارد وأهل الاجتهاد يحكمون اليوم بحكم ثم يرجعون عنه غدا فليسوا على ابصيرة إذ البصيرة لا يرتفع حكمها إلا بورود أمر جديد من الشارع. وقال: امن الأولياء من يتكلم على الخاطر وما هو مع الخاطر ومنهم من يطلع على الأقدار قبل نزولها إلى الأرض فإن القضاء يدور في الجو من مقر فلك القمر إلى الأرض ثلاث سنين وحينئذ ينزل، وهذا المقام يسميه القوم فهم الفهم ووقال: الكامل لا يقول: اللهم لا تفضح سرائرنا لاستواء سريرته وعلانيته وإنما يقول ذلك من لم يبلغ مقام الكمال. قال: ولقد بلغني عن الشيخ أبي الربيع المالقي الكفيف الأندلسي أنه سمع تلميذه أبا عبد الله الرشي المبتلى يقول: اللهم لا تفضح لنا سرائرنا فقال له الشيخ: يا محمد، ولأي شيء تظهر للحق ما لا تظهر للخلق هلا استوى سرك وعلانيتك مع الله؟ فتنبه القرشي واعترف واستعمل ما دله عليه الشيخ وأنصف فرضي ال ه عنهما من شيخ وتلميذ.

ووقال : إذا جمعك الحق به فرقك عنك فكنت صاحب تآثير في الوجود، وإذا جمعك بك فرقك عنه فقمت في مقام العبودية فهذا مقام الخلافة فاختر أي الجمعين شئت. قال : ولا يخفى أن جمعك بك أعلى من امعك به، لأن جمعك بك يكون الحق مشهودك، وفي جمعك به غيبتل اعنك باشتغالك به عن مقام عبوديتك فافهم ووقال: احذر من لذة الأحوال فإنها سموم قاتلة وحجب مانعة، فإنها اي الأحوال تسيدك على أبناء الجنس فيستعبدهم لك قهر الحال فتسلط عليهم الكبريت الأحمر / م15.

Unknown page