خسرو وشيرين
خسرو وشيرين
تأليف
محمد فريد أبو حديد
كلمة إلى القارئ
أرجوك العفو أيها القارئ عما يمكن أن تتحمله في قراءة هذا ال... (ماذا أسمي هذا؟ أظن خير تسمية أن أسميه المطبوع)، وإنك إن قرأت منه كلمة واحدة أو سطرا واحدا ثم رميته كارها كنت عندي معذورا فهذا ما توقعته، ولا عجب في الأمر إذا كان متوقعا. ولست عندي معذورا فحسب بل إنك جدير بشكري؛ إذ إنك قرأت منه شيئا في حين أن كثيرا من الناس إذا وقع لهم مثل هذا المطبوع لا يقرءون منه حرفا، بل يقلبون صفحاته تقليبا سريعا ثم يرمون به إلى أقرب موضع، ولكنهم مع ذلك لا يترددون في أن يبدوا رأيا في عيوبه أو في محاسنه إن تكرموا. وأما إذا أنت صبرت أيها القارئ فقرأت سطرين أو ثلاثة من هذا المطبوع ثم قذفت به حيث أردت، لم تكن في ذلك بالمعذور بل كنت متفضلا مضحيا من أجل مجاملتي مع أنك لا تعرف من أنا وفي هذا أدب عظيم وكرم مطبوع. وأما إذا كنت قد بلغت من قوة ضبط النفس ورياضتها على المكاره بحيث استطعت أن تثبت على القراءة حتى أتيت إلى آخر كلمة ثم تركت لنفسك العنان بعد طول كبحها وحبسها فانطلقت تصخب وتشتم وتنادي بالويل والثبور، إذا فعلت ذلك كنت في نظري بطلا من أبطال العزيمة وقوة الاحتمال. على أنك لو فعلت ذلك لم يمسسني منك أذى، وإن بلغت في ثورتك مبلغا مخيفا لأني قد توقعت مثل ذلك فأخفيت نفسي حتى لا تنحرج فيما تفعل، فلعلي إذا أظهرت لك شخصي بدوت لك صديقا أو ممن يمتون إليك بسبب، فتجاملني أو تكظم غيظك علي فيكون في ذلك أذى لك لا أرضاه. فافعل ما بدا لك أيها القارئ ولا تتورع فإن أحجارك أو سهامك لن تصل إلي.
وأما إذا كنت يا أخي - ولا مؤاخذة - ممن في ذوقهم شذوذ عن المألوف مثلي فاستحليت من هذا القول ما يمر في الأذواق أو أعجبك منه ما يقبح في الأنظار فلك رثائي وعطفي، فالمريض يعطف على مثله. ومن آية رثائي لك وعطفي عليك أنني أنصحك نصيحة أرجو أن تقبلها إذ إنها صادرة عن قلب خلص لك، حدب عليك. فقد تعرضت قبلك من جراء شذوذي عما ألفه الناس لكثير من الألم والفشل وأحذرك من إظهار رأيك أمام أحد من الناس ولو كان من أعز أصدقائك. فالصداقة قد لا تقوى على الثبوت مع الشذوذ في الرأي والذوق. وإذا شئت أن تفسح لنفسك فرجة تظهر بها ما قد يكون في نفسك من السرور الشاذ فادخل في مخدعك وتحقق من أنك فيه منفرد، ثم أغلقه محكما، ثم توار في جانب أمين منه واهمس همسة خفيفة لا يستطيع أن يسمعها من البشر سواك - أقول من البشر فإن الله تعالى لا بد سامعك ولو همست أخفى همس تستطيعه - وقل في همسك ما تشاء فقد يغفر الله لك ما قد يكون في رأيك من خطيئة، ولكن الناس لا يستطيعون الغفران.
المؤلف
الفصل الأول
مقدمة في جبال أذربيجان
Unknown page