Khulasat Tarikh Yunan Wa Ruman
خلاصة تاريخ اليونان والرومان
Genres
حرب اليونان مع الفرس
وفي الجيل الخامس قبل الميلاد أقام داريوس ملك الفرس حربا مع اليونانيين، فبعث قواده إلى تلك البلاد في عمارة من ستمائة شراع ونصف مليون من الرجال، ولم يكن أحد يستطيع الوقوف أمامهم إلا مائة ألف من الأثينيين، فظن داريوس أنه قد أوتي الفتح المبين فبعث مقادير كبيرة من الرخام مع جيشه ليرفع منها أعمدة، ويقيم منها قناطر النصر وعلامات أخرى، وكان قد أمر قواده أن يبعثوا كل الأثينيين مغلولين إلى بلاد فارس وهو لا يدري ما كمن له.
وكان على اليونانيين قائد يقال له ملنيادس، فسار في مقدمة جيشه لمحاربة جيش الفرس العظيم، فالتقى بهم في مراثون، وهي مدينة صغيرة على شاطئ البحر على مسافة خمسة عشر ميلا إلى الشمال الشرقي من أثينا.
وبينما كان اليونانيون يحاربون كان شيوخهم ونساؤهم وأولادهم باقين في أثينا كأنهم على جمر الغضى؛ لأنهم كانوا يعلمون أن الفرس إذا انتصروا فإنهم يدخلون المدينة ويحرقونها، وبينما هم كذلك دخل المدينة جندي مخضب بالدماء وفيه جروح كثيرة، وإنما كان مجيئه ليخبر من في المدينة بعاقبة الحرب، وكان وجهه ممنقعا فظن الأثينيون أن الفرس فازوا وأن هذا الرجل جاء هاربا.
فاجتمعوا حوله وسألوه عما جرى لملنيادس وجيشه، فاتكأ الجندي على رمحه وهو لا يستطيع التكلم من التعب، ولكنه تشدد أخيرا وصرخ قائلا: «افرحوا يا أبناء الوطن إن النصر لنا.» قال ذلك ووقع ميتا.
إلا أن الأثينيين لم يكافئوا ملنيادس مكافأة حسنة، على أنه لم يطلب منهم مكافأة على تحرير بلاده إلا إكليلا من ورق الزيتون الذي كان علامة للشرف بين اليونانيين، فلم يعطوه إياه، ثم حكموا عليه بعد ذلك بناء على ادعاءات طفيفة أن يدفع غرامة مقدارها خمسون ريالا، ولما كان غير قادر على دفعها مات في السجن.
وبعد موقعة مراثون انسحب الفرس من بلاد اليونان، ثم أراد داريوس تجديد الحملة عليها فمات قبل أن يتمها، فخلفه ابنه أكسركسبس (احشويرش) فجدد الحرب، وجاء بحملة عدد جندها مليونان ولكنهم عادوا منكسرين.
أعمال أثينا
وبعد حرب الفرس نبغ بين رجال أثينا سيمون وإرستيلاس وباريكليس، وكانوا أعظم رجال أثينا، وأخيرا أصبح باريكليس أكبر رجال الجمهورية ولم تلق أثينا أياما أحسن عزا وفخرا من أيامه؛ لأنه زين المدينة بالبنايات العظيمة وأكثر فيها من التعليم؛ فاشتهرت بالفنون الجميلة كبناء الهياكل ونظم الشعر، غير أن الأثينيين كانوا قليلي الشكر على النعمة لعظمائهم ولذلك لم يحسنوا مكافأة باريكليس.
وأصيبت أثينا في آخر أيامه بوباء شديد فكثرت الوفيات؛ حتى إن الناس كانوا يسقطون أمواتا في الشوارع فتتراكم جثثهم أكاما، وفي جملة من مات في ذلك الوباء باريكليس، ولما كان على فراش الموت أراد بعض أصدقائه أن يمدحه على الأعمال العظيمة التي أجراها في بلاده، فأجابه قائلا: إن أعظم فخر حزته في كل ما علمت أني لم أسبب كدرا لأحد الأثينيين.
Unknown page