74

Khulasat Athar

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Publisher

دار صادر

Publisher Location

بيروت

وَبِحَمْدِهِ ألف مرّة فقد اشْترى نَفسه من الله وَكَانَ آخر يَوْمه عَتيق الله قَالَ النَّجْم الغيطي وَهَذِه فَائِدَة عَظِيمَة فَيَنْبَغِي أَن يحافظ عَلَيْهَا قَالَ وَكَانَ الْوَالِد لَهُ اعتناء تَامّ بِالذكر لَا سِيمَا راءة الْقُرْآن وَكَانَ يتهجد وَيُصلي الْوتر مَعَ مقدمته كل لَيْلَة ثَلَاث عشرَة رَكْعَة وَكَانَ يحث أَصْحَابه على التَّهَجُّد وَكَانَ يَقُول تعود الْقيام آخر اللَّيْل وَلَو أَنَّك تلعب وَكَانَ يعسر عَلَيْهِ الصَّوْم فَلَا يَصُوم إِلَّا رَمَضَان وَرُبمَا صَامَ سِتا من شَوَّال قَالَ بعض الْعلمَاء وَمَا كَانَ ذَلِك إِلَّا لحدة ذهنه فَكَانَ لَا يُطيق الصَّوْم وَكَانَ يجتزي باليسير من الْغذَاء وَمن الملبس وَمن الملاذ الدُّنْيَوِيَّة كثير التقشف طارحًا للتكلف كثير الِاحْتِمَال وَكَانَ يُؤثر الْعُزْلَة على الِاجْتِمَاع وَكَانَ كثير الشَّفَقَة على أَصْحَابه كثير الاعتناء بأقاربه مبالغًا فِي تَعْظِيم الْعلمَاء والأولياء وَكَانَ يكره الْمَدْح فِي المراسلات والمكاتبات وَكَانَ لَا يحب إِظْهَار الكرامات ويتأذى من خرق الْعَادَات وَكَانَ إِذا دَعَا لأحد بِشَيْء اسْتَجَابَ الله دعاءه وَإِذا توسل بِهِ أحد مِمَّن يَعْتَقِدهُ إِلَى الله تَعَالَى حصل لَهُ مُرَاده وَمَا عَادَاهُ أحد إِلَّا رَجَعَ وَاعْتذر إِلَيْهِ وَمَا مكر بِهِ أحد إِلَّا رَجَعَ مكره عَلَيْهِ قَالَ وَلَده وَمِمَّا وَقع لي مَعَه أَنِّي كنت أرى أَنه يطلع على مَا يصدر مني حَال غيبتي عَنهُ فَإِذا اشتغلت بِطَاعَة قابلني بِوَجْه مسرور وَإِذا اشتغلت بلعب قابلني بضد الْمَذْكُور وَلما شاورته فِي السّفر إِلَى الْهِنْد قَالَ أرى أَن الْمدَّة قرب انقضاؤها وَكنت أود أَنَّك تحضر وفاتي فَقلت أَتَخَلَّف عَن السّفر فَقَالَ سَافر فَأَنت فِي وَدِيعَة الله تَعَالَى وَمَا أَرَادَهُ سَيكون وَكَانَ الْأَمر كَمَا ذكر فَكَانَ انْتِقَاله لخمس بَقينَ من صفر سنة ثَلَاث وَخمسين وَألف وَقبض وَهُوَ جَالس محتب بالحبوة فِي دهليز ذاره الَّتِي بِالْقربِ من مَسْجِد بني علوي من غير مرض ظَاهر بل كَانَ يشتكي صَدره فَقَالَ لَهُ بعض أَصْحَابه مِمَّن لَهُ اعتناء بالطب دواك كَذَا وَكَذَا فَقَالَ لَهُ هَذَا دَاء عضال مشْعر بالارتحال وانتقل قبل الْعَصْر وَشَكوا فِي مَوته فبيتوه فِي دَاره وَبَات النَّاس يقرؤن عَلَيْهِ وصلوا صبح ثَانِي يَوْم فِي الْجَبانَة وَدفن بمقبرة زنبل فِي الْقَبْر الملاصق لوالده رَحمَه الله تَعَالَى وَآل باعلوي منسوبون إِلَى علوي وَهَذِه النِّسْبَة وَإِن لم تكن من وضع الْعَرَبيَّة لَكِنَّهَا مَعْرُوفَة لأهل الديار الحضرموتية فَإِنَّهُم يلزمون الكنية الْألف بِكُل حَال على لُغَة الْقصر فَيَقُولُونَ لبني علوي باعلوي ولبني حسن باحسن ولبني حُسَيْن باحسين وعلوي هُوَ ابْن عبيد الله بن أَحْمد بن عِيسَى فَإِنَّهُ جدهم الْأَكْبَر الْجَامِع لنسبهم ونسبهم مجمع عَلَيْهِ أهل التَّحْقِيق وَقد اعتنى ببيانه جمع كثير من الْعلمَاء

1 / 74