261

Khilāṣat al-athar fī aʿyān al-qarn al-ḥādī ʿashar

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Publisher

دار صادر

Publisher Location

بيروت

(كم موعظة تَضَمَّنت أسطرها ... إِن أَنْت جهلهتها فَأَيْنَ الْقَارِي)
وَفِي لفظ الْقَارِي إِيهَام التورية كَمَا لَا يخفى وَالله ﷾ أعلم
الشَّيْخ أَحْمد بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن السقاف الْفَقِيه الشَّافِعِي اليمني البيتي نِسْبَة إِلَى بَيت مسلمة قَرْيَة قرب مَدِينَة تريم أحد الْعلمَاء الْأَعْلَام ولد بتريم وَحفظ الْقُرْآن والجزرية والأجرومية وَالْأَرْبَعِينَ النووية والملحة والقطر والإرشاد وَغير ذَلِك وعرضها على مشايخه واشتغل على خَاله القَاضِي أَحْمد بن حُسَيْن بافقيه ولازمه فِي دروسه حَتَّى تخرج بِهِ وَأكْثر انتفاعه بِهِ وَأخذ عَن الْفَقِيه مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بَافضل وَالشَّيْخ القَاضِي عبد الرَّحْمَن بن شهَاب الدّين وَعَن الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن السقاف العيدروس وَالشَّيْخ زين الدّين بن حُسَيْن بَافضل وَأحكم على الْفُرُوع والتصوف والعربية وشارك فِي غَيرهَا وَألبسهُ الْخِرْقَة جمَاعَة من العارفين وبرع فِي طَرِيق الْقَوْم وَأكْثر الْأَخْذ والتردد على عُلَمَاء عصره وَأذن لَهُ غير وَاحِد من مشايخه بالإفتاء والتدريس وَكَانَ يحضر درسه جم غفير واشتهر بِالْفَتْح لكل من قَرَأَ عَلَيْهِ وقصدته الطّلبَة من كل مَكَان لما يحصل فِي درسه من الْبَحْث والإيضاح وَكَانَ لَهُ فِي تَعْلِيم المبتدئين تدريج حسن وَأكْثر اعتنائه بالإرشاد وشروحه قَالَ الشلي وَهُوَ أول شيخ أَخذ عَنهُ فِي عنفوان عمري أخذت عَنهُ الحَدِيث وَالْفِقْه والتصوف والنحو ولازمته مُدَّة مديدة وقرأت عَلَيْهِ كتبا كَثِيرَة وَكَانَت أخلاقه رضية وَكَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ بذاذة حَاله وَعدم الاحتفال بِنَفسِهِ وَقد روى أَبُو دَاوُد ابذاذة من الْإِيمَان وَورد فِي خبر آخر من ترك اللبَاس تواضعًا لله وَهُوَ يقدر عَلَيْهِ دَعَاهُ الله يَوْم الْقِيَامَة على رُؤُوس الأشهاد يخيره من أَي حلل الْجنَّة شَاءَ يلبسهَا وَلَا يُنَافِي هَذَا خبر أَن الله يحب أَن يرى أثر نعْمَته على عَبده وَخبر أَن الله جميل يحب الْجَمِيل وَفِي رِوَايَة يحب النَّظَافَة لِأَن الأول مَحْمُول على آثر ذَلِك للتواضع لَا غير وَالثَّانِي على من قصد بِهِ إِظْهَار نعْمَة الله عَلَيْهِ قَالَ وَلم يزل على تِلْكَ الْأَحْوَال إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَت وَفَاته فِي سنة خمسين وَألف وَدفن بمقبرة زنبل من جنان بشار
الْمولى أَحْمد بن عوض العينتابي الأَصْل الْحلَبِي قَاضِي قُضَاة الشَّام ومصر وَغَيرهَا كَانَ من أهل الْفضل والكمال وَفِيه تواضع وَله أَخْلَاق حَسَنَة ولد بحلب وَكَانَ أَبوهُ صَالحا تقيًا نَشأ فِي حجره وَقَرَأَ فِي مبادىء عمره ثمَّ مُسَافر إِلَى الرّوم وَأقَام بهَا مُدَّة

1 / 262