Khitab Wa Taghayyur Ijtimaci
الخطاب والتغير الاجتماعي
Genres
التناص المختلط:
حيث تمتزج النصوص أو أنماط الخطاب امتزاجا أشد تركيبا وبطريقة يصعب معها الفصل بينها.
وسوف أناقش التناص السافر من حيث علاقته بما يلي: التمثيل الخطابي، والافتراض المسبق، والنفي، والميتاخطاب، والسخرية. (وقد وجدت مينجينو، 1987م مصدرا بالغ الفائدة في هذه المناقشة.)
التمثيل الخطابي
أستخدم مصطلح «التمثيل الخطابي»، مفضلا إياه هنا على المصطلح التقليدي «رواية الكلام»؛ لأن هذا المصطلح (1) أدق في نقل المعنى المقصود، وهو أن من «يروي» الخطاب يختار منه بالضرورة ما يمثله بطريقة معينة، و(2) لأن التمثيل لا يقتصر على الكلام، بل يشمل الكتابة، ولا يقتصر على المعالم النحوية، بل يشمل التنظيم الخطابي وجوانب أخرى منوعة للحادث الخطابي، مثل ظروفه، والنغمة التي قيل بها ما قيل ... إلخ (انظر فيركلف، 1988م، ب، للمزيد من التفاصيل).
وتختلف الأنماط الخطابية لا في طرائق تمثيلها وحسب للخطاب، بل أيضا في أنماط الخطاب التي تمثلها ووظائف الخطاب في النص الممثل لهذه الأنماط. وهكذا تنشأ اختلافات فيما يقتطف، ومتى وكيف ولماذا اقتطف ما يقتطف ما بين المواعظ والبحوث العلمية والمحادثات. ومن المتغيرات الكبرى في كيفية تمثيل الخطاب قضية البت فيما إذا كان التمثيل يتجاوز المضمون الفكري أو «الرسالة»، ويشمل بعض جوانب الأسلوب الخاص بالألفاظ الممثلة وسياقها. ويقول فولوسينوف (1973م، 119-120): إن بعض الثقافات تزيد عن غيرها في الاتكاء على الرسالة وحدها، وهو ما يصدق على بعض الممارسات الخطابية داخل أية ثقافة من الثقافات وداخل ثقافتنا نفسها.
ويؤكد فولوسينوف (وربما يكون اسما مستعارا لباختين) وجود تفاعل دينامي بين الخطاب الممثل والخطاب الذي يمثله. ولقد أوضحت العينة الأولى مثلا كيف يمكن للأصوات أن تمتزج. ومن جديد نلحظ وجود تغاير كبير بين أنماط الخطاب، وهو ما يمكننا أن نفسره بوجود معيارين متداخلين: (1) ما مدى صراحة ووضوح الحدود الفاصلة بين الخطاب الممثل والخطاب الذي يمثله، و(2) إلى أي مدى يترجم الخطاب الممثل إلى صوت الخطاب الذي يمثله.
وإلى حد ما تعتمد درجة «الحفاظ على الحدود» على الخيار ما بين التمثيل المباشر والتمثيل غير المباشر؛ فالأول يحاول على الأقل أن يعيد إنتاج الكلمات نفسها المستخدمة في الخطاب الممثل، وإن لم يكن ذلك يتحقق في كل حالة، كما بينت العينة رقم 1. وأما الخطاب غير المباشر فإنه، على العكس من ذلك، يتضمن التباسا معينا؛ إذ لا نستطيع القطع فيما إذا كانت الألفاظ الأصلية قد أعيد إنتاجها أم لا. وبعض المعالجات لهذا الموضوع (انظر مثلا ليتش وشورت، 1981م) تشير إلى وجود فئة أخرى هي «الخطاب غير المباشر الحر» حيث لا توجد جملة تحدد الراوي، وحيث يتميز ب «الصوت المزدوج» بمعنى المزج بين الخطاب الممثل والخطاب الذي يمثله، كما نرى في العنوان الوارد في العينة رقم 1، مثلا، وهو «استدعوا القوات في معركة المخدرات!»
ويقول فولوسينوف أيضا: إنه من المحال البت في معنى الخطاب الممثل من دون الرجوع إلى وظيفته وسياقه في الخطاب الذي يمثله. ومن الأمثلة الجيدة استخدام «علامات التنصيص المفزعة» - أي وضع كلمات مفردة أو تعبيرات قصيرة بين علامات تنصيص - كما نجد في الأمثلة الصحفية التالية «التحقيق في مؤامرة تجسس «بناتية»»، «عرض «نهائي» بتعديل الأجور». والتعابير الموجودة في علامات تنصيص مفزعة تستخدم ويحال إليها في الوقت نفسه، إذ إن العلامات المذكورة تبين أنها تنتمي إلى صوت خارجي. وإلى جانب ذلك فمن الممكن أن تقوم بالمزيد من الوظائف المختلفة المحددة، مثل إقامة مسافة تفصل بين الكاتب وبين الصوت الخارجي، أو استعمال «سلطتها» في دعم موقفه، أو الإشارة إلى أن الاستعمال جديد أو مؤقت، أو تقديم كلمة جديدة. وعلى غرار ذلك للمرء أن يستخدم الخطاب المباشر في بناء الخطاب الممثل أو عرضه.
وأما وضع الخطاب الممثل في سياق معين فيتخذ أشكالا كثيرة، وانظر إلى هذا المثال من العينة رقم 1: «أصدرت لجنة مجلس العموم تقريرا يتضمن هجوما يزيد في شدته عما شهدناه منذ سنوات، ويرأس اللجنة السير إدوارد جاردنر المحامي وعضو البرلمان عن حزب المحافظين، ويحذر التقرير في نبرات توحي بالخطورة قائلا: «إن المجتمع الغربي يواجه ...»» أي إن تحديد سياق الخطاب الممثل، والمكانة الرفيعة لرئيس اللجنة، ونبرات الخطاب «الخطيرة»، كلها عوامل تؤكد ثقل وزنه وأهميته. لاحظ أيضا كلمة «يحذر» (التي اختارها الكاتب، مفضلا إياها على كلمات أخرى مثل «يقول» أو «يبين» أو «يشير إلى»). والواقع أن اختيار فعل التمثيل، أي الذي يمثل «فعل الكلام»، له مغزاه في جميع الحالات. وعلى نحو ما نرى هنا، نجده يمثل القوة الكامنة في ألفاظ الخطاب الممثل (أي طبيعة الفعل الذي يؤديه التلفظ بشكل معين للكلمات) وتلك مسألة تتعلق بفرض تفسير معين على الخطاب الممثل.
Unknown page