Khitab al-Mardi wa-Manhajuhu fi al-Nahw
خطاب الماردي ومنهجه في النحو
Publisher
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Edition Number
العددان التاسع والسبعون والثمانون
Publication Year
السنة العشرون- رجب-ذوالحجة ١٤٠٨هـ
Genres
خطَّاب المارديّ ومنهجه في النحو
للدكتور/ حسن موسى الشاعر أستاذ مشارك بكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية
خطَّاب المارديّ
عصره:
عاش خطَّاب المارديّ حياته في الأندلس، في النصف الأول من القرن الخامس الهجري، وشهد سقوط الخلافة الأموية في الأندلس، على إثر انهيار الدولة العامرية سنة ٣٩٩ هـ، وانقسام بلاد الأندلس إلى دول متعددة تقوم في كل منها دولة أو مملكة تزعم لنفسها الاستقلال، ولا تربطها بجاراتها أو زميلاتها أية رابطة، إلا المنافسة والحرب الأهلية، وقد عرف هذا العصر بعصر دول الطوائف ١.
وقد ذكرت المصادر أن خطابًا كان من أهل قرطبة، ثم سكن بطليوس، وأنه توفي آخر أيام المظفر بن الأفطس، صاحب بطليوس ٢.
وكانت مملكة بطليوس تشمل رقعة كبيرة تمتد من غرب مملكة طليطلة عند مثلث نهر وادي يانه غربًا حتى المحيط الأطلسي، وتشمل أراضي البرتغال كلها تقريبًا حتى مدينة باجه في الجنوب. وكانت العاصمة بطليوس تتوسط هذه الرقعة الكبيرة التي تشمل عدا العاصمة عدة مدن هامة أخرى مثل: ماردة، ويابرة، وأشبونة، وشنترين، وقلمرية وغيرها ٣.
وكان بنو سلمة أو بنو الأفطس، كما اشتهر اسمهم، سادة هذه المملكة الشاسعة التي حكموها نيفًا وسبعين عامًا، وسطع بلاطهم أيام الطوائف.
وينتمي أبو محمد عبد الله بن مسلم المعروف بابن الأفطس إلى قبيلة من قبائل مكناسة المغربية، وأصله من ولاية قرطبة. وقد استولى على حكم بطليوس سنة ٤١٣ هـ، وتلقب
_________
١ دول الطوائف. محمد عبد الله عنان ص ٣ (المقدمة)، التاريخ الأندلسي للحجي ٣٥٤.
٢ التكملة لكتاب الصلة لابن الأبار ١/ ٢٩١.
٣ دول الطوائف ص ٨٠.
1 / 107
بالمنصور، وكان رجلا كثير المعرفة والدهاء، وافر الحزم والسياسة، توفي سنة ٤٣٧ هـ، فخلفه محمد بن عبد الله بن أفطس، وتلقب بالمظفر، وكان عالمًا وفارسًا شجاعًا، وكان يرى في بني عباد - حكام إشبيلية - خصومه الأوائل، ويعمل لاتقاء عدوانهم، واستطاع ابن الأفطس أن يوقع بالمعتضد بن عباد هزيمة شديدة سنة ٤٣٩ هـ. ثم جهز المعتضد قوة كبيرة وتوغلت في أراضي ابن الأفطس، والتقى الفريقان على مقربة من يابرة، فهزم ابن الأفطس سنة ٤٤٢ هـ، وقتل كثير من جنده، واستمرت الحرب عدة شهور ثم عقد الصلح بينهما سنة ٤٤٣ هـ.
وأخذ المظفر يتعرض لخطر جديد، وذلك من قبل نصارى الشمال، الذين أخذوا يتحينون الفرص ويستولون على بعض المدن، وكان أعظم خطب نزل بالمسلمين هو فقد مدينة قلمرية، أعظم مدن البرتغال الشمالية، وذلك سنة ٤٥٦ هـ، وتوفي المظفر بن الأفطس سنة ٤٦١ هـ ١.
وقد كان المظفر من أعلم أهل عصره، وكان رأسًا في الأدب والشجاعة والرأي، وكان مناغرًا للروم، شجىً في حلوقهم. وكان مع استغراقه في الجهاد لا يفتر عن العلم، ولا يترك العدل، صنع مدرسة يجلس فيها كل جمعة ويحضره العلماء. وقد اشتهر في عالم الأدب بكتابه الضخم الموسوم بالمظفري، نسبه إلى اسمه، وهو موسوعة أدبية وتاريخية عظيمة، على هيئة عيون الأخبار لابن قتيبة، يحتوي على كثير من الأخبار والسير الطرائف والنوادر...وقيل: إن المظفري كان يحتوي على خمسين مجلدا، وقيل عشرة أجزاء ضخمة ٢.
اسمه ونسبه:
هو خطّاب بن يوسف بن هلال المارديّ، من أهل قرطبة، وسكن بطليوس، يكنى أبا بكر ٣.
وذكر بعضهم في نسبه أيضًا "المالكي" ٤. وأعتقد أن خطّابًا كان مالكي المذهب، وإن لم أجد له ترجمة في طبقات المالكية، إذ كان مذهب الإمام مالك منتشرًا في الأندلس
_________
١ دول الطوائف باختصار ٨٠-٨٧ باختصار.
٢ سير أعلام النبلاء للذهبي ١٨/٥١٤، دول الطوائف ٨٧. الأعلام للزركلي ٦/٢٢٨.
٣ انظر في ترجمته: التكملة كتاب الصلة لابن الأبار ١/٢٩١، إشارة التعيين لعبد الباقي اليماني ١١٢، البلغة للفيروز آبادي ٧٧، بغية الوعاة للسيوطي ١/٥٥٣، معجم المؤلفين ٤/١٠٣، كشف الظنون ١/٥٠٧، هدية العارفين ١/٣٤٧، إيضاح المكنون ١/٢٨١.
٤ هدية العارفين ١/٣٤٧.
1 / 108
وقد ذكر أن شيخه ابن الفخار القرطبي الحافظ كان مالكيًا ١.
وزاد بعضهم في نسبه "الأنباري" ٢، ولا أرى له وجهًا، ولم أجد أحدًا من القدامى ذكره، ولعله وهم سببه أن خطّابًا صنف مختصر الزاهر لابن الأنباري، فالتبس ذلك على بعضهم، فأدخل " الأنباري " في نسب خطّاب.
و"المارديّ" نسبة إلى ماردة. قال أبو حيان ٣: "أبو بكر خطّاب به يوسف بن هلال الماردي، أندلسي من ماردة".
قال ياقوت ٤: "ماردة كورة واسعة من نواحي الأندلس، من أعمال قرطبة، إحدى القواعد التي تخيرتها الملوك للسكنى من القياصرة والروم.. وهي مدينة رائقة كثيرة الرخام، عالية البنيان، فيها آثار قديمة حسنة، تقصد للفرجة والتعجب، وبينها وبين قرطبة ستّة أيام.. ينسب إليها غير واحد من أهل العلم والرواية".
وكانت ماردة إحدى المدن الهامة في مملكة بطليوس التي يعيش بها خطّاب في عصر دول الطوائف ٥.
وقد وقع تحريف كثير في لفظة "المارديّ" في عدد من المصنفات: ففي فهرسة ابن خير الإشبيلي ذكر في مواضع "المارديّ" وفي مواضع أخرى "الماوردي" ٦.
وفي إشارة التعيين والبلغة ذكر "المازريّ" ٧.
وفي توضيح المقاصد للمراديِّ ورد "الماورديّ" ٨.
وفي التصريح للشيخ خالد ورد "خطاب الماردي" ٩. وورد مرة "خطّاب الماوردي" ١٠. ومرة "خطاب المرادي" ١١.
_________
١ الصلة لابن بشكوال / القسم الثاني ٥١٠، نفح الطيب ٢/٦١.
٢ كشف الظنون ١/٥٠٧، هدية العارفين ١/٣٤٧.
٣ تذكرة النحاة ٢٧٨.
٤ معجم البلدان ٥/٣٨-٣٩، باختصار.
٥ دول الطوائف ٨٠.
٦ فهرسة ما رواه عن شيوخه ٣١٩، ٤٨٠، ٤٨٤، ٥٠٩، ٥٢٤، ٥٢٧.
٧ إشارة التعيين ١١٢، البلغة ٧٧.
٨ توضيح المقاصد والمسالك شرح ألفية ابن مالك للمرادي ١/٣٤٥.
٩ التصريح ٢/٣٣٦.
١٠ التصريح ١/٢٢٣.
١١ التصريح ٢/٢٨٩.
1 / 109
وذكره صاحب ضياء السالك باسم "خطّاب الماوردي" ١ تبعًا لما ورد في التصريح. وفي إيضاح المكنون وهدية العارفين ذكر "المادري" ٢.
أما محقق ارتشاف الضرب ففي قسم الفهارس ذكر خطابًا مرتين باسم "المارزي" ٣ مع أسماء المصنفين، ولعله من أخطاء الطباعة وهو يقصد "المازري" لأنه ذكره مرتين أيضًا باسم "المازري" ٤ في فهرس أسماء الكتب.
هذا مع أن الاسم ورد صحيحًا مرات كثيرة في أصل كتاب الارتشاف باسم "خطّاب الماردي " ٥.
وفي الأشباه والنظائر للسيوطي ورد "خطاب المارديني"، وعلق عليها المحقق في الحاشية بقوله: "في النسخ الثلاث "الماريني " وفي (ط) فقط "المارديني " ولعل الصواب "الماردي" ٦.
وفي شرح أبيات مغني اللبيب للبغدادي ورد "خطاب بن يوسف الماردي" ٧. ويبدو أن المحققَيْنِ اختارا ذلك اعتمادًا على كتاب إيضاح المكنون الذي أشارا إليه في الحاشية.
وأنا أرى أن هذه التحريفات من أخطاء النساخ أو المحققين أو الناشرين للكتب من غير تدقيق؛ لأنه ورد باسم "خطّاب المارديّ " في معظم الكتب التي ترجمت له، وفي مواضيع كثيرة من كتب النحو التي ذكرته.
نشأته ومنزلته:
لا تسعفنا المصادر التي بين أيدينا إلا بشذرات قليلة عن حياة خطّاب، لا تتضح بها حياة خطّاب من ولادته أو نشأته، ولكنها تدل على علو منزلته.
فقد ذكرت المصادر أنه من أهل قرطبة وسكن بطليوس ٨. ويبدو لي أنه ولد في قرطبة ونشأ بها، لأنه روى عن أبي عبد الله بن الفخار الفقيه ٩.
_________
١ ضياء السالك للنجار ١/٢٩٠.
٢ إيضاح المكنون ١/٢٨١، هدية العارفين ١/٣٤٧.
٣ إرتشاف الضرب تحقيق: د. النماس / قسم الفهارس ٣/٦٥٨.
٤ إرتشاف الضرب ٣/٦٨٤.
٥ انظر الارتشاف ١/٢٨٦، ١/٤٤٢، ٢/١٤٤، ٢/١٩٧، ٣/٢٧،٢٩ ومواضع أخرى.
٦ الأشباه والنظائر للسيوطي: تحقيق: د. عبد العال سالم ١/٢٤٧.
٧ شرح أبيات مغني اللبيب تحقيق: أحمد دقاق وزميله ٥/٢١٦.
٨ التكملة لكتاب الصلة ١/٢٩١، إشارة التعيين ١١٢.
٩ التكملة لكتاب الصلة ١/٢٩١.
1 / 110
وشيخه هذا هو أبو عبد الله محمد بن عمر بن يوسف المالكي الحافظ، يعرف بابن الفخار، من أهل قرطبة، قدم مصر وحج وجاور بالمدينة المنورة، وأفتى بها، وكان من أهل العلم والذكاء والحفظ والفهم، عارفًا بمذاهب الأئمة وأقوال العلماء، يحفظ المدونة والنوادر لأبي زيد. قيل توفي بمدينة بلنسية سنة ٤١٧ هـ، وقيل ٤١٩ هـ. وهو آخر الفقهاء الحفاظ الراسخين العالمين بالكتاب والسنة بالأندلس ١.
أمّا خطّاب فقال عنه ابن الأبّار (المتوفي سنة ٦٥٩ هـ): كان متقدمًا في علوم اللسان، واقفًا على كتب الأشعار والأخبار، متحققا بالنحو، يؤخذ عنه، ويرغب فيه، وقعد لإقراء ذلك، وعاصر الأستاذ أبا عبد الله بن يونس الحجاري٢.
وقال عنه ابن عبد الملك المراكشي (المتوفى سنة ٧٠٣ هـ): كان من جلّة النحاة، ومحققيهم والمتقدمين في المعرفة بعلوم اللسان على الإطلاق، روى عن أبي عبد الله بن الفخار وأبي عمر أحمد بن الوليد وهلال بن عريب، وروى عنه ابناه عبد الله وعمر، وتصدر لإقراء العربية طويلًا، وصنف فيها٣.
وفاته:
تشير أكثر المصادر التي ترجمت لخطّاب المارديّ أنه توفي بعد الخمسين والأربعمائة ٤، في آخر أيام المظفر بن الأفطس، صاحب بطليوس. وقد اختلف في سنة وفاة المظفر بن الأفطس فقيل توفي سنة ٤٦٠ هـ ٥، وقيل سنة ٤٦١ هـ ٦.
وعليه أرجّح أن تكون وفاة خطّاب نحو سنة ٤٦٠ هـ.
مصنفاته:
ترك خطّاب مصنفات كثيرة، ذكرها ابن خير الإشبيلي في كتابه "فهرسة ما رواه عن شيوخه". ثم قال ٧: "وكل ذلك من تأليف الشيخ الأستاذ أبي بكر خطّاب بن يوسف بن هلال المارديّ النحوي ﵀. حدثني بذلك كله الشيخ الحاج أبو حفص عمر بن عياد
_________
١ الصلة لابن بشكوال / القسم الثاني ٥١٠. نفح الطيب للمقري ٢/٦٠-٦١.
٢ التكملة لكتاب الصلة ١/٢٩١.
٣ بغية الوعاة ١/٥٥٣.
٤ التكملة لكتاب الصلة ١/٢٩١، إشارة التعيين ١١٢، البلغة ٧٧، بغية الوعاة ١/٥٥٣.
٥ الأعلام ٦/٢٢٨، التاريخ الأندلسي ٣٣٣.
٦ دول الطوائف ٨٧.
٧ فهرسة ما رواه عن شيوخه / ابن خير ص ٣١٩.
1 / 111
ابن أيوب بن عبد الله اليحصبي ﵀، عن أبي حفص عمر بن خطاب بن يوسف عن أبيه مؤلفها ﵀. وحدثني بها أيضا الشيخ أبو بكر محمد بن أحمد بن محرز عن أبيه ﵀، عن أبي حفص عمر بن خطاب المذكور عن أبيه خطّاب بن يوسف ﵀.
وهذه هي مصنفاته التي ذكرها ابن خير، وما أضفته إليها، مما وجدته عند غيره، رتبتها فيمايلي:
١- الترشيح في النحو، وهو أشهر كتبه، وقد وصلتنا منه نقول كثيرة، وسوف أعرض له بالتفصيل.
٢- أرجوزة في مخارج الحروف وصفاتها ١.
٣- إعراب مسألة (الحسن الوجه) بعللها وتصريف وجوهها ٢.
٤- الترجمة ٣.
٥- التمحيص ٤.
٦- الدلائل في النحو ٥.
٧- الدلالة ٦.
٨- الفصول في النحو ٧.
٩- شرح مسألة الزي ٨.
١٠- المشعر ٩.
١١- اختصار الزاهر لابن الأنباري ١٠.
١٢- شعر فيما يذكر ويؤنث ١١.
_________
١ فهرسة ما رواه عن شيوخه ٣١٩،٣٦٩.
٢ فهرسة ما رواه عن شيوخه ٣١٩،٤٧٣.
٣ فهرسة ما رواه عن شيوخه ٤٨٠، ٣١٩، التذكرة لأبي حيان ٢٩٢.
٤ فهرسة ما رواه عن شيوخه ٤٨٣،٣١٩.
٥ فهرسة ما رواه عن شيوخه ٤٩٠،٣١٩، التذكرة لأبي حيان ٢٩٢.
٦ فهرسة ما رواه عن شيوخه ٣١٩.
٧ فهرسة ما رواه عن شيوخه ٥٠٩، ٣١٩.
٨ فهرسة ما رواه عن شيوخه. ٥٢٤، ٣١٩.
٩ فهرسة ما رواه عن شيوخه. ٥٢٧،٣١٩.
١٠ فهرسة ما رواه عن شيوخه٤٩٤، التكملة لكتاب الصلة ١/٢٩١، إشارة التعيين ١١٢، البلغة ٧٧، بغية الوعاة ١/٥٥٣.
١١ التكملة لكتاب الصلة ١/٢٩١، إشارة التعيين ١١٢، البلغة ٧٧.
1 / 112
كتاب الترشيح في النحو لخطّاب:
الترشيح في النحو أشهر مصنفات خطّاب، وقد ذكره معظم الذين ترجموا له، كما وصلتنا نقول كثيرة منه، تمثل آراء خطّاب النحوية.
قال السيوطي في ترجمة خطّاب: "وهو صاحب كتاب الترشيح، ينقل عنه أبو حيان وابن هشام كثير"ا ١.
ووصف بعضهم كتاب الترشيح في النحو بأنه كبير ٢.
وقد لخص أبو حيان السّفر الأول من كتاب الترشيح في كتابه (تذكرة النحاة)، بدأه بقوله ٣: "أبو بكر خطّاب بن يوسف بن هلال المارديّ، أندلسي من ماردة، له تصانيف في النحو، منها كتاب الترشيح، عارض به كتاب دريود في شرحه لكتاب الكسائي".
وبلغ ما لخصه أبو حيان نحو خمس وعشرين صحيفة، ثم قال ٤: "انتهى ما لخص من السفر الأول من كتاب الترشيح".
وقد ذكر البغدادي ٥ نصوصًا من كتاب الترشيح منقولة عن كتاب التذكرة لأبي حيان، وليست في الجزء المطبوع منه، ولعله في الأجزاء المفقودة من كتاب التذكرة.
الترشيح أم التوشيح؟
ذكرت معظم كتب التراجم وكتب النحو أن كتاب خطّاب اسمه "الترشيح " بالراء. ولكن ورد في مصدرين أن اسمه "التوشيح" وذلك في فهرسة ما رواه عن شيوخه ٦ لابن خير، وفي كشف الظنون ٧ لحاجي خليفة.
وأنا أرى أن كتاب خطّاب اسمه "الترشيح" لأنه ورد بهذا اللفظ في معظم كتب التراجم التي ذكرته، وفي جميع كتب النحو التي نقلت عنه في مواضع كثيرة.
فأما تسميته "التوشيح" فذلك وهم أو تحريف بلا شك. ومما يقطع بذلك نصّ صريح جاء في التصريح للشيخ خالد الأزهري، عند قول ابن هشام في إحدى المسائل " ... خلافا
_________
١ بغية الوعاة ١/٥٥٣.
٢ إشارة التعيين ١١٢، البلغة ٧٧.
٣ تذكرة النحاة ٢٧٨.
٤ تذكرة النحاة ٣٠٣.
٥ خزانة الأدب ٦/٢٥١، شرح أبيات مغني اللبيب ٥/٢١٦.
٦ فهرسة ما رواه عن شيوخه لابن خير ٣١٩،٤٨٤.
٧ كشف الظنون ١/٥٠٧.
1 / 113
لصاحب الترشيح "قال الشيخ خالد "بالراء، وهو خطاب الماردي" ١.
وقد ورد بلفظ "الترشيح" في المصادر التالية: إشارة التعيين، وفي البلغة، وفي بغية الوعاة، وفي إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، وفي هدية العارفين، وفي معجم المؤلفين.
وورد بلفظ "الترشيح" أيضًا في كتب النحو التالية:
- في ارتشاف الضرب - في نحو ثلاثين موضعًا.
- في أوضح المسالك لابن هشام ٢، وفي التصريح على التوضيح ٣.
وفي حاشية يس على التصريح ٤، وفي الأشموني وحاشية الصبان ٥.
وفي الأشباه والنظائر للسيوطي ٦، وفي خزانة الأدب للبغدادي ٧. وفي شرح أبيات مغني اللبيب ٨ للبغدادي.
وقد اضطرب محقق كتاب همع الهوامع للسيوطي في ضبط اسم الكتاب فجاء في الجزء الأول منه: قال خطّاب في الترشيح ٩، وعلق عليه في الحاشية بقوله: في نسخة أ "التوشيح" بالواو تحريف.
وجاء في الجزء الثاني منه: خطاب بن يوسف المارديّ صاحب "التوشيح" ١٠، وعلّق عليه في الحاشية بقوله: في البغية والأشموني "الترشيح" بالراء تحريف، صوابه من النسخ الثلاث وكشف الظنون.
وهكذا اختلف حكم المحقق في اسم الكتاب فقال: "التوشيح" تحريف، ثم قال في الموضع الثاني: " الترشيح" تحريف.
وجاء في الجزء الخامس من الهمع أيضًا: خطّاب في الترشيح ١١.
_________
١ التصريح على التوضيح ١/٢٢٣.
٢ أوضح المسالك ١/٣٤٦.
٣ التصريح ١/٢٢٣، ١/٢٦٦، ٢/٣٣٦.
٤ حاشية يس على التصريح ٢/١٠٤.
٥ شرح الأشموني وحاشية الصبان ١/٢٨١.
٦ الأشباه والنظائر ١/٩٦.
٧ خزانة الأدب ٦/٢٥١.
٨ شرح أبيات مغني اللبيب للبغدادي ٥/١١٩، ٢١٦، ٢١٧.
٩ همع الهوامع ١/١٤١.
١٠ همع الهوامع ٢/١٧٤.
١١ همع الهوامع ٥/٤٤.
1 / 114
أقول: والصحيح أنه "الترشيح". فأما تسميته "التوشيح" فهو تحريف وقع في فهرسة ابن خير، ووهم من أوهام كشف الظنون.
وكتاب كشف الظنون على الرغم من غزارة مادته، لا يمكن الاطمئنان إلى كل ما ورد فيه، فقد وقعت فيه أوهام كثيرة بحاجة إلى توقف ونظر.
بين الترشيح لخطّاب والترشيح لابن الطراوة:
عرفنا أن كتاب الترشيح لخطّاب المارديّ كتاب كبير يقع في عدة أجزاء، عارض به كتاب دريود في شرحه لكتاب الكسائي، ومنه نقول كثيرة في كتب النحو، كما سيأتي.
وابن الطراوة ١ (المتوفى سنة ٥٢٨ هـ) له كتاب في النحو باسم "الترشيح" أيضًا.
وكتاب الترشيح لابن الطراوة كتاب صغير، وصفه ابن عبد الملك المراكشي فقال: "وله مجموع في النحو مختصر، سماه "الترشيح " يكون على قدر النصف من جمل الزجاجي " ٢.
ويقول عنه الدكتور عياد الثبيتي: "إنه مقدمة صغيرة في النحو" ٣. ثم يقول: "وهذا الكتاب مما لم أجد له ذكرا في الكتب النحوية التي اطلعت عليها، ولا أعلم عنه شيئًا".
وينبه الدكتور عياد على وهم وقع في كشف الظنون يتعلق بوصف كتاب الترشيح لابن الطراوة ٤، حيث جاء في كشف الظنون "وهو مختصر من المقدمات على كتاب سيبويه" فيبين الدكتور عياد أن هذا الوهم في كشف الظنون أوقعه فيه قول السيوطي عن ابن الطراوة: "وألف الترشيح وهو مختصر، المقدمات على كتاب سيبويه"، فقوله "المقدمات على كتاب سيبويه" كتاب آخر لابن الطراوة غير الترشيح.
وهذا ملحظ جيد من الدكتور عياد، لم أجد أحدًا نبه عليه.
وعلى الرغم من هذه الفروق بين كتاب الترشيح لخطّاب وكتاب الترشيح لابن الطراوة فقد وقع لبس في عنوان كتاب خطّاب من جهة، ووقع خلط بينه وبين كتاب الترشيح لابن الطراوة عند بعض الباحثين من جهة أخرى.
_________
١ انظر عنه الذيل والتكملة ٤/٧٩، إنباه الرواة ٤/١١٣، إشارة التعيين ١٣٥. ابن الطراوة النحوي للدكتور عياد الثبيتي.
٢ الذيل والتكملة ٤/٨٠.
٣ ابن الطراوة النحوي ١٠٤.
٤ المصدر السابق نفسه.
1 / 115
فالدكتور محمد البنا وهو يتحدث عن مصنفات ابن الطراوة، يذكر منها كتاب الترشيح، ويقول: "وهو مفقود ... ولم يُحل عليه ابن الطراوة في الإفصاح". ثم يقول الدكتور البنا: "وإن من يقرأ الارتشاف لأبي حيان يرى اسم "الترشيح" يتردد كثيرا، وقد يظن أن هذا هو الكتاب الذي نحن بسبيله، وقد وقعنا في هذا الظن فترة، ثم تبين لنا أنه "التوشيح " بالواو لا بالراء، وأن صاحبه هو أبو بكر خطّاب بن يوسف بن هلال الماردي ١.
وهكذا يوفق الدكتور البنا إلى معرفة صاحب الكتاب وهو خطّاب، ولكنه يلتبس عليه ضبط اسم الكتاب، فلا يقنعه أن يتردد كثيرًا باسم "الترشيح "، بل يجزم بأنه "التوشيح" بالواو لا بالراء، اعتمادا على ما ذكره صاحب كشف الظنون الذي لا يخلو من أوهام كثيرة.
والدكتور عياد الثبيتي في رسالته عن ابن الطراوة، يرجّح أيضًا أن مصنف الكتاب المذكور هو خطّاب، ولكنه يرى أن عنوانه محرف عن "التوشيح" وهو يذكر أنه رجع إلى شرح كتاب سيبويه للصفّار فوجده يذكر "الترشيح" مرتين، ثم يقول الدكتور عياد: "فالمتبادر إلى الذهن هو أن هذا كتاب ابن الطراوة، ولكن الراجح أن هذا المنقول منه هو كتاب التوشيح لخطّاب المارديّ وقد نقل عنه أبوحيان كثيرا في التذييل والتكميل وفي ارتشاف الضرب وفي التذكرة، كما نقل عنه السيوطي في الهمع وفي الأشباه والنظائر، ويصيبه التحريف في كثير من المواضع فيكتب بالراء، فيشتبه بكتاب ابن الطراوة ... " ٢.
ولا أدري لماذا يجعل الدكتور عياد وجود التحريف في المصادر الكثيرة التي تكتبه بالراء، ولا يجعل التحريف في المصادر القليلة التي كتبته بالواو، وما الذي يمنع أن يكون "الترشيح " لكل من خطّاب وابن الطراوة!
وفي شرح أبيات مغنى اللبيب ورد كتاب الترشيح مرتين، جاء في المرة الأولى "وذكر صاحب الترشيح" ٣. فعلق المحققان عليه في الحاشية بقولهما: " الترشيح في النحو لسليمان ابن محمد بن الطراوة المالقي المتوفى سنة ٥٢٨ هـ، وهو مختصر من المقدمات على كتاب سيبويه " وأحالا على كشف الظنون ١/ ٣٩٩.
وجاء في المرة الثانية: " ... نقله أبو حيان في تذكرته من كتاب الترشيح لخطّاب ... " ٤ فعلّق المحققان عليه في الحاشية بقولهما: " الترشيح في النحو للأديب
_________
١ أبو الحسين بن الطراوة /د. محمد إبراهيم البنا ص٥٠.
٢ ابن الطراوة النحوي /د. عياد الثبيتي ص١٠٥.
٣ شرح أبيات مغني اللبيب ٥/١١٩.
٤ شرح أبيات مغني اللبيب ٥/٢١٦.
1 / 116
أبي بكر خطاب بن يوسف بن هلال المارديّ القرطبي النحوي المتوفى سنة ٤٥٠ هـ" وأحالا على إيضاح المكنون ١/٢٨١.
وهكذا اضطرب المحققان في تحديد صاحب الترشيح، فنسباه مرة إلى ابن الطراوة ومرة إلى خطّاب.
وفي خزانة الأدب للبغدادي ذكر كتاب الترشيح مرة واحدة منسوبا إلى خطاب بنص صريح، إذ قال البغدادي عن بيت من الشعر: "...وكذا رواه خطّاب بن يوسف في كتاب الترشيح" ١. ولم يعلق عليه المحقق في الحاشية، ولكنه في القسم الخاص بالفهارس، في فهرس الكتب والمصادر قال: " الترشيح لخطاب بن يوسف نقلًا عن تذكرة أبي حيان" ٢.
وليت المحقق اكتفى بذلك، ولكنه علق عليه في الحاشية فقال: " في كشف الظنون: الترشيح في النحو لسليمان بن محمد بن الطراوة المالقي المتوفى سنة ٥٢٨ هـ، وهو مختصر من المقدمات على كتاب سيبويه، فهذا كتاب آخر، وصواب تسمية كتاب خطاب هو التوشيح بالواو كما في كشف الظنون ١/٣٤٥، وكذا في فهرسة ابن خير الإشبيلي ٣١٩، وفاة خطّاب هذا كانت بعد سنة ٤٥٠هـ، وقال صاحب الكشف المتوفى تقريبا سنة ٤٥٠هـ، كذا ذكر صاحب البغية، وجاء فيها اسم الكتاب بالراء محرفا".
وفي كتاب ارتشاف الضرب لأبي حيان تردد ذكر كتاب "الترشيح" مرات كثيرة، وكثر النقل عن هذا الكتاب، وقد صرّح المصنف بنسبة الكتاب إلى خطاب، فقال: "وقال خطاب الماردي، في كتاب الترشيح" ٣.
فماذا كان موقف المحقق من تحديد صاحب الترشيح؟
لقد اضطرب المحقق كثيرًا في نسبة كتاب الترشيح، فهو أحيانًا ينسبه إلى ابن الطراوة ٤، وأحيانا ينسبه إلى خطّاب ٥، وأحيانا أخرى يقع في حيرة فيذكر ابن الطراوة وخطابًا معا، ومن ذلك تعليقه عليه في الحاشية ٦: " كتاب الترشيح في النحو لسليمان
_________
١ خزانة الأدب بتحقيق هارون ٦/٢٥١.
٢ خزانة الأدب ١٣/٣٠.
٣ ارتشاف الضرب ٢/١٩٧، ٢٩٧، ٣/٢٧.
٤ ارتشاف الضرب ١/١٢٨، ٤٠٥، ٥١٢، ٥٢١ الحواشي.
٥ ارتشاف الضرب ١/٢٨٦، ٣٨١، ٢/١١٨ الحواشي.
٦ ارتشاف الضرب ١/٢٥٣، ٥٤٤، ٢/١٩١.
1 / 117
بن محمد بن الطراوهّ المالقي المتوفى سنة ٥٢٨ هـ كما في كشف الظنون ١/٣٩٩، ولكن في البغية ١/٥٣٣ أن كتاب الترشيح لخطاب المارديّ القرطبي مات بعد سنة ٤٥٠هـ وينقل عنه أبو حيان كثيرًا ".
وفي قسم الفهارس، - في فهرس الكتب - ذكر المحقق الترشح في النحو لابن الطراوة وأحال عليه في عدد من الصفحات، ثم ذكر الترشيح لخطاب وأحال عليه في عدد من الصفحات ١. علمًا بأن النقول كلها عن الترشيح لخطّاب.
وهكذا كان كتاب كشف الظنون من أهم أسباب الوهم والاضطراب في ضبط عنوان كتاب "الترشيح" وفي نشبته إلى صاحبه خطّاب.
بين خطّاب ودُريود:
عرفنا أن خطابا صنف كتابه "الترشيح" في النحو في عدة أسفار، عارض به كتاب دريود في شرحه لكتاب الكسائي.
ودريود اسمه عبد الله بن سليمان بن المنذر الأندلسي القرطبي النحوي، الملقب بدَرْوَد، وربما صغر فقيل دُرَيْود، معروف بالنحو والأدب، شرح كتاب الكسائي، توفي سنة ٣٢٥ هـ ٢.
وقيل اسمه محمد بن أصبغ، وله شرح على نحو الكسائي في ستة أجزاء سمع عليه.٣
فإن كان كتاب دريود في ستة أجزاء، فلا بد أن يكون كتاب الترشيح لخطاب نحو ذلك أيضا لأنه عارضه به.
ويبدو لي أن دريودًا نهج نَهْج الكوفيين في شرحه لكتاب الكسائي، فدفع هذا خطّابًا إلى معارضته بكتاب الترشيح، والانتصار لمذهب سيبويه والبصريين.
وكثيرًا ما نرى دريودًا تابعًا للكسائي أو الكوفيين في آرائه النحوية، ومن ذلك في قولك: "نِعْمَ رَجُلًا زَيْدٌ". ذهب سيبويه ومعظم البصريين إلى أن في (نِعْمَ) ضميرا مستكنًا هو
_________
١ ارتشاف الضرب قسم الفهارس ٣/٦٨٤.
٢ بغية الوعاة ٢/٤٤-٤٥، وانظر طبقات النحويين واللغويين للزبيدي ٣٢٣، بغية الملتمس للضبي ٣٤٤، جذوة المقتبس للحميدي ٢٦٢، التكملة لكتاب الصلة ٢/٧٧٨، معجم المؤلفين ٦/٦١.
٣ إشارة التعيين ٢٩٩، البلغة ٢١١.
1 / 118
فاعل (نعم) . و(رجلًا) تمييز لذلك الضمير. وذهب الكسائي والفراء أنه لا ضمير، والفاعل بنعم هو زيد، والمنصوب عند الكسائي حال، وتبعه دريود ١.
ومن ذلك أيضًا أنة يشترط فيما يجمع جمع المذكر السالم أن يكون خاليا من تاء التأنيث لا يكون عوضًا، نحو طلحة، خلافًا للكوفيين وتبعهم دريود، فإنهم يجيزون جمعه بحذف التاء، فيقولون طلحون... ٢.
ويقوم خطاب بتعقب دريود في عدد من المسائل، فيغلطه ويرد عليه، ومن ذلك في أسلوب (لا سيما) قال خطاب ٣: "وقد قال دريود في كتابه: إن في قولك: (لا سيما) لغتين التثقيل والتخفيف، فمن خفف خفض بها، ومن ثقل رفع - وهو غلط منه، لأنها اسم مضاف في كلا الحالين، وإنما علة الخفض زيادة (ما) وعلة الرفع كون (ما) بمعنى الذي. وقد صرح الأخفش في كتابه بإجازة الرفع والخفض في التثقيل والتخفيف، دون تفضيل، وهو الذي لا يجوز غير في القياس".
وفي إنابة الظرف عن الفاعل، يقول خطاب ٤: "وأما الأيام المعروفة بأعيانها كيوم السبت والأحد ويوم الأحد، والأزمنة المحدودة كالشتاء والصيف والربيع، وأوقات الليل والنهار مثل بكرة وعشية...فإنك تقيمها مقام الفاعل، وكان دريود لا يرى ذلك ويقول: "كل وقت محدود يحسن فيه (ائتني) فانصبه أبدا، كقولك: سير به يوم الجمعة، وهذا غلط منه، لأنك تقول: ائتني شهر رمضان، وأيام التشريق، ثم تقيم ذلك مقام الفاعل، تقول: سير عليه شهرُ رمضان وأيام التشريق، وهذا ما لا اختلاف فيه، لأنه موقوف محدود محصور العدد، وقد أجاز سيبويه ﵀: سير عليه بكرةٌ وغدوةٌ ويومُ الجمعة ويومُ السبت، بالرفع على أن تقيمها مقام الفاعل..."
وقد يذكر رأي سيبويه ويضعّف رأي دريود، كما جاء في الاستثناء حيث قال خطاب ٥: "وأما قوله ﷿: ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ﴾ ٦ بالرفع فهو على البدل مِن (مَن)، أو من الضمير الفاعل في (يغفر) العائد عليها، وجاز هذا لأن في الكلام معنى نفي
_________
١ الارتشاف ٣/٢٠، همع الهوامع ٥/٣٣.
٢ ارتشاف الضرب ١/٢٦٦.
٣ تذكرة النحاة ص ٢٩٨.
٤ تذكرة النحاة ٢٩١، ارتشاف الضرب ٢/١٩٢.
٥ تذكرة النحاة ٢٩٦-٢٩٧.
٦ سورة آل عمران آية ١٣٥.
1 / 119
وتقديره: لا يغفر أحد الذنوب إلا الله، وقال دريود: ومثل ذلك ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا﴾ ١ على البدل، وهذا عند سيبويه ومن وافقه رفع على النعت، لأن (إلا) مع ما بعدها قد تكون نعتا للنكرات وللأجناس غير المعهودة كما تكون (غير) ... والبدل الذي ذكره قد أجازه غيره وفيه ضعف، لأن معنى النفي في (لو) ليس قويا كقوته في معنى (ما) و(من) في الاستفهام...
وقد يكون خطّاب معتدلا في رده على دريود، فيكتفي بمخالفته، ومن ذلك في باب الوقف، قال خطاب في الترشيح ٢: "هاء السكت ساكنة أبدا، وزعم دريود أنها زيدت للسكت، ولتكون عوضا من الألف الذاهبة، ولا أرى قوله، لأن العوض يكون لازما، وهاء السكت ليست لازمة إلا في كل فعل يعود إلى حرف واحد نحو: (قِهْ، وعِهْ) ". انتهى.
ومن ذلك أيضا أن جواب (لو) إذا كان ماضيا مثبتا فالأكثر أن يجيء باللام، وقد يجيء بلا لام، نحو قوله تعالى: ﴿لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ﴾ ٣ وجواب لولا ماض مثبت مقرون باللام نحو قوله تعالى: ﴿وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ﴾ ٤ وحذف اللام ضرورة، وقيل: قليل. قال صاحب الترشيح ٥: "حذف اللام مع لولا جائز، وأكثر ما تأتي في الشعر، وسوّى دريود بين حذف اللام وإثباتها في (لو) و(لولا) . انتهى.
_________
١ سورة الأنبياء آية ٢٢.
٢ ارتشاف الضرب ١/٤٠٥.
٣ سورة الأعراف آية ١٥٥.
٤ سورة النور آية ١٤.
٥ ارتشاف الضرب ٢/٥٧٧.
منهجه في النحو خطّاب المارديّ كما قال عنه ابن الأبّار: "كان متقدمًا في علوم اللسان، واقفًا على كتب الأشعار والأخبار، متحققًا بالنحو" ١. وقال عنه ابن عبد الملك المراكشي: "كان من جلّة النحاة ومحققيهم والمتقدمين في المعرفة بعلوم اللسان" ٢. والباحث المدقق في آرائه النحوية، من خلال هذه النقول المتعددة من كتابه _________ ١ التكملة لكتاب الصلة ١/٢٩١. ٢ بغية الوعاة ١/٥٥٣.
منهجه في النحو خطّاب المارديّ كما قال عنه ابن الأبّار: "كان متقدمًا في علوم اللسان، واقفًا على كتب الأشعار والأخبار، متحققًا بالنحو" ١. وقال عنه ابن عبد الملك المراكشي: "كان من جلّة النحاة ومحققيهم والمتقدمين في المعرفة بعلوم اللسان" ٢. والباحث المدقق في آرائه النحوية، من خلال هذه النقول المتعددة من كتابه _________ ١ التكملة لكتاب الصلة ١/٢٩١. ٢ بغية الوعاة ١/٥٥٣.
1 / 120
"الترشيح " يجد صدق هذه المقولات، بل يجد نفسه أمام عالم متبحر في النحو واللغة، شديد الثقة بنفسه، مع التواضع والتقدير للعلماء الآخرين، والقدرة على الموازنة والترجيح والاختيار. ولو قدر لنا أن نطلع على مصنفاته لاتضحت لنا جوانب أكثر إشراقا وعمقًا.
ويمكن أن نتناول منهجه في النحو من خلال الجوانب التالية:
مذهبه النحوي:
لم يصرخ خطّاب بمذهبه في النحو، ولكنه كان كثير الاستدلال بآراء النحاة البصريين، مما يدل على تقديره لهم، وميله إلى مذهبهم، ولعله صنف كتاب "الترشيح" في الردّ على دريود انتصارا لمذهب البصريين، ولكنه لم يكن متعصبًا لهم، بل نلمح دائما شخصيته المتفردة، وقدرته على اختيار الرأي الراجح لديه، وهذه سمة عامة للنحو الأندلسي.
ومن الأمثلة على ميله إلى البصريين، ما جاء في أسلوب "لاحبذا" من نحو قولك: حبذا زيذ راكبًا. قال أبو حيان ١: "اختلف النحاة في هذا المنصوب بعد (حبذا)، فذهب الأخفش والفارسي والربعي وخطّاب وجماعة من البصريين إلى أنه منصوب على الحال لا غير، سواء أكان جامدا أم مشتقًا، وأجاز الكوفيون وبعض البصريين نصبه على التمييز.."
وكان خطّاب كثيرا ما يذكر سيبويه على سبيل الإعجاب والتقدير، ومن ذلك ما ذكره في حركة الحرف المضعّف المجزوم نحو: لم يردّ، ولم يعضّ، ولم يفرّ. قال ٢: "ومن العرب من يكْسر هذا كلّه، ومنهم من يحركه بحركة ما قبله: لم يرُدُّ، ولم يعضَّ، ولم يفِرِّ، فإن اتصلت بهذا المضاعف هاء الإضمار للمؤنث فتحت في كل اللغات: لم يعضَّها، ولم يفرَّها، ولم يردَّها، وإن اتصلت به هاء الإضمار لمذكر ضممت في كل لغة فقلت: لم يردُّهُ، ولم يعضُّه، ولم يفرُّه. وهذا قول سيبويه وجلّة النحويين".
وقال فيما ينوب عن الفاعل من الظرف، وهو يردّ على دريود: "وقد أجاز سيبويه ﵀: سير عليه بكرةٌ، وغدوةٌ، ويومُ الجمعة.." ٣.
ويبدو وعيه بآراء سيبويه في الرد على من ينسب رأيًا لسيبويه وليس له، ومن ذلك أنه لا يجيز تقديم خبر ليس عليها، قال ٤: "تقول: ليس عالمًا زيدٌ، ولو قلت: عالمًا ليس زيدٌ،
_________
١إرتشاف الضرب ٣/٣٠.
٢ تذكرة النحاة ٢٨٨.
٣ تذكرة النحاة ٢٩١.
٤ تذكرة النحاة ٢٨٧.
1 / 121
لم يجز، لأن (ليس) لا تتصرف، لما فيها من معنى الجحد، وقد أجاز تقديم خبرها ابن النحاس، ونسبه إلى سيبويه وليس يصح عنه".
وذكر خطاب أن أبا إسحاق الزجاج يجيز: لولاك ولولاه، على مذهب سيبويه ١.
موقفه من مصادر الاحتجاج:
اعتمادا على النصوص الواردة إلينا من آراء خطاب، يبدو لنا اهتمام خطّاب بمصدرين رئيسيين من مصادر الاحتجاج وهما: القرآن الكريم، وكلام العرب (من شعر نثر) . ولم أجد له احتجاجا بالحديث النبوي.
وقد صرّح خطّاب بموقفه هذا عندما تعرض لحذف الخبر بعد لولا، نحو: لولا زيدٌ لقمت. قال: "تقديره بالحضرة، أو بهذا المكان. وقال قوم: يجوز إظهار الخبر، وليس ما ذكروه بجيد، لأن ذلك لم يأت في قرآن ولا شعر فصيح، وهذا الخبر عند جلة النحويين من المضمر الذي لا يجوز إظهاره" ٢.
ويظهر اهتمامه أيضًا بكلام العرب في قول أبي حيان: "وزعم أبو العباس وخطاب الماردي أن بدل الغلط لا يوجد في كلام العرب، لا نثرها ولا نظمها". قال خطّاب: "وقد عنيت بطلب ذلك في الكلام والشعر، فلم أجده، فطالبت غيري فلم يعرفه" ٣.
أما القرآن الكريم فهو مصدر مهم من مصادر الاحتجاج عنده، والأمثلة على ذلك كثيرة لا تحتاج إلى بيان.
ولكن خطّابًا وقف موقفًا عجبًا في رفض بعض القراءات القرآنية الثابتة، لأنها خالفت القياس النحوي الذي يراه.
وهذا يذكرنا بما أورده السيوطي عن موقف قوم من النحاة في رفض بعض القراءات القرآنية، إذ يقول السيوطي ٤: "كان قوم من النحاة المتقدمين يعيبون على عاصم وحمزة وابن عامر قراءات بعيدة في العربية، وينسبونهم إلى اللحن، وهم مخطئون في ذلك، فإن قراءاتهم ثابتة بالأسانيد المتواترة الصحيحة التي لا مطعن فيها، وثبوت ذلك دليل على جوازه في العربية. وقد ردّ المتأخرون، منهم ابن مالك، على من عاب عليهم ذلك بأبلغ رد، واختار جواز ما وردت به قراءاتهم في العربية، وإن منعه الأكثرون مستدلا به.
_________
١ تذكرة النحاة ٢٨٥.
٢ تذكرة النحاة ٢٨٤.
٣ إرتشاف الضرب ٢/٦٢٥-٦٢٦.
٤ الاقتراح ٤٩.
1 / 122
وقد صرّح خطّاب برفض الاحتجاج بقراءة لحمزة، فقال: "ورأيت ابن الأنباري يجيز أن تقول: لم يخشى، ولم يسعى، بإثبات الألف، واحتج بقراءة حمزة ﴿لاتخفْ دركًا ولا تخشى﴾ ١ بإثبات الألف وهذا لا يجوز عندنا " ٢.
ولكن العكبري يرى لهذه القراءة وجوهًا سائغة، فيقول: "ولا تخشى" على قراءة الجزم هو حال، أي: وأنت لا تخشى.. وقيل: الألف في تقدير الجزم شبهت بالحروف الصحاح. وقيل: نشأت لإشباع الفتحة ليتوافق رؤوس الآي" ٣.
بل نجد خطّابًا يتهم حمزة بالجهل بالعربية، ويجعل ذلك سبيلا لردّ قراءته. ومن ذلك أنه يرى أن إسكان لام الأمر مع "ثم " يكون في ضرورة الشعر، ولا يجوز في الكلام. قال: "وإن كان حمزة قد قرأ ﴿ثّم لْيقْطَعْ﴾ ٤ بسكون اللام، لأنه لم يكن له علم بالعربية" ٥.
قال السيوطي: "وهو مردود"، قال أبو حيان: "ما قرئ به في السبعة لا يردّ ولا يوصف بضعف ولا بقلة" ٦.
ويستدل خطّاب بالقراءة إذا وافقت القاعدة النحوية، ومن ذلك رفع الفاعل بفعل محذوف بعد المفعول الذي لم يُسمَّ فاعله، نحو: ضُربَ زيدٌ وعمرو. قال: "وعلى ذلك قراءة بعضهم ﴿وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُم﴾ ٧ أي زيّنه شركاؤهم" ٨.
وهذه القراءة شاذة ذكرها ابن جني في المحتسب، ونسبها إلى أبي عبد الرحمن السلمي، قال أبو الفتح: "يحتمل رفع "شركاء" تأويلين: أحدهما وهو الوجه أن يكون مرفوعا بفعل مضمر دلّ عليه قوله "زين" كأنه لما قال: "زُيّن لكثير من المشركين قتلُ أولادهم " قيل: من زيّنه لهم؟ فقيل: زيّنه لهم شركاؤهم، فارتفع الشركاء بفعل مضمر دلّ عليه "زُين "
_________
١ سورة طه آية ٧٧.
٢ إرتشاف الضرب١/٤٢٣.
٣ التبيان ٨٩٩.
٤ سورة الحج آية ١٥.
٥ الارتشاف ٢/٥٤١، التذكرة ٢٨٨.
٦ همع الهوامع ٤/٣٠٨.
٧ سورة الأنعام آية ١٣٧.
٨ التذكرة ٢٩٠.
1 / 123
وقد يذكر القراءة الشاذة على وجه الإنكار، ومن ذلك قوله: "حكى أبو حاتم (السجستاني) عن هارون القارئ أن الأعمش قرأ ﴿وما كان صلاتَهم عند البيت إلا مكاءٌ وتصديةٌ﴾ ٢ فنصب الصلاة ورفع المكاء والتصدية، وهذا من شواذ القراءات" ٣.
قال السمين ٤: "وخطّأ الفارسي هذه القراءة، وقال: لا يجوز أن يخبر عن النكرة بالمعرفة إلا في ضرورة..."
وقد حاول ابن جني توجيه هذه القراءة ودفع القبح أو اللحن عنها ٥.
موقفه من القياس والسماع:
"إنما النحو قياس يتبع". ولهذا قيل في حد النحو ٦: "إنه علم بمقاييس مستنبطة من استقراء كلام العرب".
وقد اعتنى النحاة بالقياس في بناء قواعدهم النحوية، كما اهتم به خطّاب المارديّ في توجيه الآراء والمذاهب النحوية.
ومن ذلك في باب ما لا ينصرف للعلمية والتأنيث، قال خطاب في الترشيح ٧: "ما لا علامة فيه فبعض النحويين يجريه مجرى ما فيه الهاء، ولا يصرفه معرفة، قلّت حروفه أو كثرت، ويصرفه نكرة، وهو القياس..."
وقد يتبع خطاب القياس فيرى رأيًا حسنا في القياس، ولكنه مخالف لآراء العلماء، فيؤثر الاتّباع على الابتداع، والالتزام برأي الأئمة، وهذا تواضع منه واحترام للعلماء.
ومن ذلك في باب أفعال المقاربة، في نحو قولك: عسى أن يقوم زيدٌ. قال أبو بكر خطّاب ٨: " (أن يقوم): فاعل (بعسى)، هذا قول النحويين، وقد كان عندي قياسًا أن يكون مفعوله توسط بين الفعل وفاعله، كما تقول: يريد أن يضربك زيدٌ. المعنى: يريد زيدٌ أن يضربك. وجاز أن يتوسط مفعول (عسى)، كما توسط خبر (ليس) في قولنا: ليس قائمًا زيدٌ.
_________
١ المحتسب ١/٢٢٩، انظر التبيان للعكبري ١/٥٤١.
٢ سورة الأنفال آية ٣٥.
٣ تذكرة النحاة ٢٨٧.
٤ الدر المصون ٥/٦٠٢.
٥ المحتسب ١/٢٧٩.
٦ الاقتراح ٩٤.
٧ ارتشاف الضرب ١/٤٤٠.
٨ ارتشاف الضرب ٢/١٣٢.
1 / 124
وهذا قول حسن في القياس، غير أنه رأي رأيناه، ولم يقل به أحد غيرنا، واتباعنا لأئمة النحويين أحق وأجمل". انتهى.
وفي باب المفعول الذي لم يسم فاعله، قال خطّاب المارديّ في الترشيح ١: "وكان قياسها، يعني اختير وانقيد، أن يجري مجرى (قيل وبيع) في الإشمام، وفي قلب الياء واوًا، كما قيل: بوع وكول الطعام، ولكني لم أره قولا لأحد".
أقول: يبدو أن خطابا هو صاحب هذا الرأي، ثم تبعه فيه ابن مالك وغيره. قال الشيخ خالد ٢: "وادعى ابن عذرة وطائفة من متأخري المغاربة امتناعها في افتعل كاختار، وانفعل كانقاد مما زاد على الثلاثة، فلا يقال اختور ولا انقود. والمشهور الأول، وهو قول ابن عصفور والأبذي وابن مالك.
قال ابن مالك في الألفية:
وما لفا باع لما العين ثلي ... في اختار وانقاد وشبه ينجلي
وكان خطّاب يهتم أيضًا بالسّماع، ويرى أن بعض مسائل النحو تؤخذ سماعًا ولا تنقاس.
ومن ذلك باب جمع المؤنث السالم، قال في الترشيح ٣: "ومن قال الاثنان لليوم فجعل الرفع والنصب والخفض في النون جمعه الاثنانات، كما تقول رمضانات وشعبانات، وأجاز ابن قتيبة: الأثانين، كما تقول الدهاقين، وتكسير هذا على فعاليل لا ينقاس، وإنما هو يؤخذ سماعا عن العرب، وإلا فهو مجموع على السلامة". انتهى.
وفي دخول (ما) على إنّ وأخواتها فيبقى بعضها عاملا، يقول خطّاب ٤: "وبعض العرب يقول: ليتما زيدًا منطلقٌ. ولا يجوز هذا في غير (ليت) . وقد أجاز بعض النحويين النصب بهذه الحروف قياسًا على (ليتما) فتقول: لكنّما زيدًا مقبلٌ، ولعلّما عمرًا خارجٌ، وإنما أخاك ذاهبٌ. وهو مذهب أبي القاسم الزجاجي، وأبي بكر بن السراج، والقول الأول مذهب الأخفش، وهو أقوى، لأنه المسموع من العرب الذي لا يُعرف غيره ... "
ويستعمل خطّاب مصطلحات في السّماع مثل: قليل، وقبيح، وشاذ، ولا يطرد، وقد
_________
١ ارتشاف الضرب ٢/١٩٧-١٩٨.
٢ التصريح على التوضيح ١/٢٩٥.
٣ إرتشاف الضرب ١/٢٧٣.
٤ تذكرة النحاة ٢٨١.
1 / 125
يلجأ إلى الوقوف عند ظاهر النصّ المسموع عن العرب إذا خالف القاعدة التي يراها، ومن ذلك قوله في الترشيح ١: "ومن العرب من يثبت الألف في الاستفهام إذا دخل عليها حرف الجر، فيقول: عمّا تسأل؟ وفيما ترغب؟ وذلك قليل وقبيح. فإن كانت بمعنى الذي أثبت الألف. وحكى أبو زيد أن من العرب من يقول: سَلْ عمّ شئت، كأنهم حذفوا لكثرة الاستعمال. وهذا شاذ عندي ولا يطّرد، يحفظ كما وقع، ولا يصرف من لفظه غير ما سمع، ولو قلت: سَلْ عمّ تشاء، لم يجز، لأن ذلك إنما سمع مع شئت". انتهى.
ومن قواعد خطّاب في السّماع أن الظروف تؤخذ سماعًا ولا تقاس ٢. والشاذ يحفظ حفظًا ولا يقاس عليه ٣.
ومن الشاذ عنده وزن (فُعَلَى) من أوزان ألف التأنيث المقصورة، فقد عدّ ابن مالك وزن (فُعَلى) من الأوزان المشهورة لألف التأنيث المقصورة نحو: أُرَبى للداهية، وأُدَمى وشُعَبى لموضعين.
فاعترض عليه ابن هشام بأن جعل هذا الوزن في الأوزان المشهورة مشكل ٤.
قال الشيخ خالد: "لأنها من الأوزان النادرة، بل قال خطّاب الماردي: إنها شاذة" ٥.
آراؤه النحوية:
تعد مصنفات أبي حيان الأندلسي هي المصادر الأساسية لعدد من نحاة الأندلسيين، إذ لولا أبو حيان لضاع كثير من التراث النحوي الأندلسي.
ومن هؤلاء النحاة الأندلسيين خطّاب المارديّ، الذي عاش في القرن الخامسِ الهجري، ومع ذلك لم أجد أحدًا ذكر له رأيًا قبل أبي حيان، الذي نقل إلينا في مصنفاته كثيرا من آراء خطاب النحوية، كما أنه لخص لنا في تذكرته السّفر الأول من كتاب الترشيح لخطّاب.
وقد ذكر بعض آراء خطّاب عدد من النحاة الذين جاءوا بعد أبي حيان، كالمرادي، وابن هشام، وابن عقيل، والشيخ خالد الأزهري، والأشموني، والسيوطي، وعبد القادر البغدادي.
_________
١ إرتشاف الضرب ١/٥٤٤، شرح أبيات مغني اللبيب ٥/٢١٧.
٢ إرتشاف الضرب ٢/٢٥٧.
٣ إرتشاف الضرب ٣/٤٣، تذكرة النحاة ٢٩٢.
٤ أوضح المسالك ٤/٢٨٨.
٥ التصريح ٢/٢٨٩.
1 / 126