(مُقَدّمَة)
﴿وَإِذ ابتلى إِبْرَاهِيم ربه بِكَلِمَات فأتمهن قَالَ إِنِّي جاعلك للنَّاس إِمَامًا، قَالَ: وَمن ذريتي، قَالَ لَا ينَال عهدي الظَّالِمين﴾ ﴿٢: ١٢٤﴾ .
﴿وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض كَمَا اسْتخْلف الَّذِي من قبلهم، وليمكنن لَهُم دينهم الَّذِي ارتضى لَهُم، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا، يعبدونني لَا يشركُونَ بِي شَيْئا، وَمن كفر بعد ذَلِك فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ﴾ ﴿٢٤: ٥٥﴾ .
﴿وَهُوَ الَّذِي جعلكُمْ لخائف الأَرْض وَرفع بَعْضكُم فَوق بعض دَرَجَات ليَبْلُوكُمْ فِيمَا آتَاكُم، إِن رَبك سريع الْعقَاب وَإنَّهُ لغَفُور رَحِيم﴾ ﴿٦: ١٦٥﴾ . .
هدَانَا الْكتاب الْحق، وَالنَّظَر فِي تَارِيخ الْخلق، إِلَى الِاعْتِبَار بخلافة الشعوب بَعْضهَا لبَعض، فِي السِّيَادَة وَالْحكم فِي الأَرْض، وبخلافة الْأَفْرَاد والبيوت فِي الشعوب، وَمَا فِيهَا من حق مَشْرُوع وتراث مَغْصُوب، وَإِلَى مَا لله تَعَالَى فِي ذَلِك من الحكم وَالسّنَن الاجتماعية، وَالْأَحْكَام وَالسّنَن الشَّرْعِيَّة وَمن الْعَهْد بِالْإِمَامَةِ الْعَامَّة لبَعض الْمُرْسلين، والوعد باستخلاف وإرث الأَرْض لِعِبَادِهِ الصَّالِحين، وَمن تِلْكَ السّنَن الْعَامَّة ابتلاء بعض الشعوب بِبَعْض ليظْهر أَيهَا أقوم وَأقرب إِلَى الْعدْل وَالْحق فَيكون حجَّة لَهُ على الْخلق ولينتقم من الظَّالِمين، تَارَة بأمثالهم من المفسدين، وَتارَة بأضدادهم من المصلحين، وَتَكون عَاقِبَة التَّنَازُع لِلْمُتقين، فالمتقون هم الَّذين يَتَّقُونَ بَاب الخيبة والفشل، ويسيرون على سنَن الله الشَّرْعِيَّة والكونية فِي الْعَمَل، والصالحون هم الَّذين يجتنبون الْفساد، ويسلكون سَبِيل الرشاد، ويقومون مَا اعوج من أَمر الْعباد.
1 / 7