Khawatir Khayal
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
Genres
ومن أهم أركان الإنشاء دقة الملاحظة والاستنتاج، وبهما يصل الكاتب إلى إتقان الوصف وتصوير الأشياء للقارئ تصويرا يقربها من ذهنه كأنه يراها رأي العين، كما أنه يتوصل بهما وبمعلوماته البسيكولوجية إلى فهم طباع الإنسان وأخلاقه وذوقه ومعلوماته بملاحظة أي شيء من آثاره ككتابته وتصويره ونحته ومقتنياته وأحاديثه ومعاملاته.
ويجب على الكاتب أن يرتب الفكرة ويوضح المغزى الذي يرمي إليه، وأن يكون الموضوع متماسك الأطراف، متصل الفكرة، يسود الانسجام على جميع أجزائه.
هذا ما عن لي من الملاحظات، وحبذا لو عالج الكتاب هذه الأدواء وحاربوا تلك البدع السخيفة حتى ترتقي عندنا ملكة البيان ونحيي لغتنا ونرجع إليها مجدها القديم. (6) بين القديم والحديث «جواب على استفتاء الكاتب الكبير الأستاذ عبد العزيز البشري»
مضى ردح من الزمن لم نتمتع فيه بمطالعة درر أستاذنا الأعظم الذي كان ينشرها في السياسة الأسبوعية بعنوان «في المرآة»، ولقد نغصني ما قرأته من شكواه من مرض انتابه، وإني أدعو الله أن يمتعه بالصحة والعافية واطمئنان البال والرفاهية؛ ليزيد في إنتاجه ويستمر في السلسلة الظريفة الرشيقة التي طالما شنفت أسماعنا ورنحت أعطافنا من الإعجاب والطرب؛ لدعابتها اللذيذة وفكاهاتها الممتعة، ورشاقة أسلوبها الموسيقي الساحر.
تساءل الأستاذ في مقاله الذي نشره في ملحق السياسة الأخير عن ماهية القديم والحديث ومميزاتهما وفوارقهما، ولا أشك في أن ذلك من تجاهل العارف، وتحريض ظاهر لمعركة قلمية يثيرها الكتاب ثم يبسم لهم الأستاذ من بعيد بسمة حافلة بمختلف المعاني.
ولربما انعكست الآية واستفز الأستاذ رد لم يرق له، واحتدم الجدال فكتب بدل الرد ردودا، فهي إذن مباركة من الوجهتين ومفيدة في الفرضين.
ليت شعري! هل أنا أول من دفعه لجاجه واستحثه تطلعه حتى استهدف لنكتة لاذعة أو لتهكم قارس؟ وقد يكون الدافع لي استدراج الأستاذ إلى الخروج إلى الميدان بعد عزلته الطويلة وحرماننا من شيق درره وظريف عباراته ورشيق إشاراته.
ولا يخفى على سيدي العزيز أن الحديث الشائع في الشرق كله مستمد من الأدب الغربي الحديث، ولكن هناك فريقا أساء استعماله لضعفه في العربية وركاكة تعبيره وسوء تراكيبه، وإنتاج هؤلاء هجين أقرب في الشكل والهيئة إلى الأسلوب الإفرنجي.
وأما الفريق الآخر ذو القدم الراسخة في العربية والذوق السليم فإنه استعان بطرق التفكير الحديث فقط، ولكنه ما فتئ محافظا على أسلوبه العربي المتين الصميم، فترى تعبيره حديثا في التفكير قديما في الصوغ ومتانة التراكيب، وإني لا أغلو إن قلت: إن الدكتور هيكل بك هو حامل لواء الإنشاء الحديث في القطر المصري؛ بل في جميع الأقطار الناطقة بالضاد.
بقي علينا أن نقول كلمة في طريقة التفكير في الأدب الحديث وقانون الكتابة الذي يجب أن تراعى حرمته بكل دقة حتى لا يشط الإنسان ويخرج من منطقته أو يغير طابعه الذي وسم به.
Unknown page