Khawatir Himar
خواطر حمار: مذكرات فلسفية وأخلاقية على لسان حمار
Genres
وإذا كان الجو رديئا لا يحسن فيه الخروج، فإنها تجيء عندي في الإصطبل وتقدم إلي خبزا وحشيشا أخضر وأوراق خضار وكرنبا، ثم تبقى معي وتخاطبني وهي تظن أنني لا أفهم كلامها، وتحدثني بما تشكو منه، ثم تبكي أحيانا وتقول: «آه يا كديشون الصغير المسكين، إنك حمار، ولا تستطيع أن تفهم كلامي، وأنت مع ذلك حبيبي الوحيد لأنني أستطيع أن أقول لك وحدك كل ما أفكر فيه. إن أمي تحبني، ولكنها تغار لأنها تريد ألا أحب غيرها، وأنا لا أعرف أحدا من سني ولذلك أتضجر.» ثم تبكي باولين وتلاطفني.
وكنت أنا أيضا أحبها وأرثي لها، وإذا كانت قريبة مني فإنني أجتهد ألا أتحرك خيفة أن أخدشها برجلي.
وذات يوم رأيتها تجري نحوي وهي فرحة مسرورة، تقول: «كديشون، انظر، أمي أعطتني «مداليون» من شعرها، وأنا أريد أن أضم إليه شيئا من شعرك لأنك أنت أيضا حبيبي، فأنا أحبك وسأجمع شعر كل من يحبونني كثيرا في هذه الدنيا.»
ثم قصت من ناصيتي خصلة من الشعر، وفتحت «المداليون» وضمتها إلى شعر أمها.
فكنت سعيدا برؤية مقدار حب باولين إياي، وكنت فخورا بأن أرى شعري محفوظا في «مداليون»، ولكن يجب أن أعترف بالحق فأقول: إنه لم يكن يحدث تأثيرا حسنا، إذ كان يظهر رماديا غليظا خشنا بجانب شعر أمها الناعم اللامع. ولم تلتفت إلى ذلك باولين، فكانت تقلب «المداليون» وتستحسن ما فيه في اللحظة التي دخلت عليها والدتها وقالت لها: ماذا تنظرين هنا؟
فقالت وهي تخبئ ما في يدها قليلا: هذا هو «المداليون».
الأم :
لماذا أحضرتيه هنا في الإصطبل؟
باولين :
لأجل أن يراه كديشون.
Unknown page