74

Khatarat Nafs

خطرات نفس

Genres

إيه يا مبيد السالفين، يا رب العالمين. إيه يا حقيقة فوق الحقائق، ويا ملء الآفاق ومبدع الخلائق. إن يكن الإنسان وهو ذلك المخلوق الضعيف الذي توزن كلماته، ويحد زمانه، ويقاس مكانه. ليس في مقدوره إلا أن يلهج بعظمتك حقا في معبار حروفه، وقدر زمانه، ومحدود مكانه، فصورك أحيانا من منحوت المحاجر، وشاد لمجدك العمائر، وصاغك من صلب المعادن، وشكك من باسق الأشجار، وتطلع إلى وجهك في إشراق الشموس والأقمار، ودعاك بأسماء مهما اختلفت مقاطيعها وعباراتها، فما هي إلا موجات من موجات الاهتزاز، فأنت أنت وإن تباينوا في تعيين صفاتك وأسمائك أنت أنت رب الأرباب، الذي تشعر النفس ساعة صعودها وصفوها بعظمته وربوبيته، وأبديته وسرمديته. •••

وكان ضوء القمر الفضي مموها بشيء من زرقة «الجرانيت»، وكنت أكاد في ذهولي لا أشعر إلا بمعاني العظمة والجلال. ولكنها التفاتة بدت مني إلى السماء الواسعة، إذ كانت الشعرى تتلألأ في كبدها، وتتوهج، فكانت كأنها كلمة الله الأعلى تقول لمن سحرته عظمة فرعون وفتنه فنه: إن عظمة الله في السماء فوق كل عظمة، وفنه فوق كل فن.

أيام العيد الفائتة

القاهرة في 17 من إبريل سنة 1926

هي أيام كتلك التي تأتي بها دورة الفلك، فتطلع فيها الشمس في متنفس الصباح، وتغرب فيها كذلك عند مقدم الليل وحلول الدجى.

وهى أيام لا يصيب فيها الأرض إلا ما أصابها من الخضوع لسنن الوجود.

وهى أيام لا تتخلف فيها تلك القوة العظيمة التي تشد الأرض في مدارها حول الشمس، وتدفع حول الأرض تابعها القمر.

وهى أيام لا يفتأ فيها الندى، يتساقط على كؤوس الزهر، وتجري فيها الجداول بين الحقول النضرة، وتغرد فيها الطيور على أفنان الشجر.

وهى أيام قد تتحرك فيها الأصداف، وما فيها من لؤلؤ دفين بين طبقات اللجج، وقد تتحرك فيها الدموع على عزيز طوته الغبراء في أحشائها.

فهي أيام شأنها إذن في عالم المحسوس، كشأن غيرها من الأيام. •••

Unknown page