تضوعُ أنفاسُها فيُنسي ... نسيمُ أنفاسِها الغَوالي
كأنّ كلّ القلوبِ قلبٌ ... صَبا الى سحرِها الحلالِ
تسهُلُ ألفاظُها ولكن ... غايتُها صعبةُ المَنالِ
تضمَنُ أمثالُها التّهاني ... لمُعوِزِ الشِّبهِ والمثالِ
ما كرّ عامٌ عَقيبَ عامٍ ... بلا انتقاصٍ ولا زوالِ
ونقلتُ من مجموع قصائد في مدح جمال الدّولة في الأيّام المسترشدية، منها:
أذالَ صونَ أدمعي في الدِّمَنِ ... حبسُ المطيِّ بعدَ بيْنِ السّكَنِ
أنشُدُ قلبًا مُتهِمًا أضلّه ... مُنجِدُه عنه شموسُ الظّعُنِ
وفي القِباب غادةٌ محجوبةٌ ... بالصّافناتِ والعوالي اللُّدُنِ
إن نظرت أراك رئمًا طرْفُها ... أو خطرَتْ أرَتْك قدّ الغُصُنِ
تبسِمُ عن ذي أُشُر رُضابُه ... صهباءُ شُجّتْ بضَريب المُزَنِ
وإن رنت فمُقَلٌ عُذريةٌ ... تُقيمُ في الأحياء سوقَ الفِتنِ
يعذُبُ لي فيها العذابُ والهوى ... يحسُنُ فيه كلّ ما لم يحسُنِ
كم فرّقتْ من جلَد وجمعت ... يومَ النّوى بين حشا وشجَنِ
لِظاعِنِ الصّبرِ حواه قاطنٌ ... مستأنسُ الدمعِ نَفورُ الوسَنِ
ماذا على ذات اللّمى لو نقعَتْ ... ببرده غُلّةَ قلبي الضّمِنِ
آهٍ لإيماض البُرَيْقِ كلّما ... عنّ لعيني موهِنًا أرّقني
وللنّسيم الحاجريّ كلّما ... صحّ سُرَى هبوبه أمرضني
هذا اللِّوى وذاك عذبُ مائِه ... إن لم تذُدٌ عنه فرِدْه واسْقِني
يدلّ أنفاسُ الصّبا طَليحَه ... عليه والعاذلُ قد أضلّني
يزعُمُ أنّ لومَه نصيحةٌ ... وهْوَ بها مُناصحًا يغُشّني
يا حاديَ العِيسِ وراءَ عيسِكم ... قلبٌ يُلَزُّ والشّجا في قرَنِ
دُلّوا على جَفني الكَرى لعلّه ... على خَيالٍ منكم يدُلّني
ليتَ حُلولًا باللِّوى تحمّلوا ... من الضّنى ما حمّلوه بدَني
أعذِلُ فيه كبِدًا مشعوفةً ... على السُلوّ عنهمُ تعذلُني
يُنكرني الدّهرُ وسوفَ أمتطي ... غاربَ يومِ أيْوَمٍ يعرِفُني
أشرفَ بي حتى إذا تنسّمت ... هضابَهُ أخامِصي أزلّني
كم خفيت عنّي الأسودُ خيفةً ... فاليومَ كلّ أغضَفٍ ينبَحُني
مالي أغالي في الصّديق تائهًا ... وهْو على سوْمِ العِدا يُرخصُني
يفوِّقُ السّهمَ وسهمي أفوقٌ ... غدرًا على بِرّي له يعُقّني
فما أُبالي والوفاءُ شيمتي ... كيفَ ثَنى الزمانُ عِطفَ الأخوَنِ
علّقتُ أطماعي فما تُسِفُّ بي ... ولا أمُدّ صفقةً للغبَنِ
وشامَ طَرْفي والبُروقُ خُلّبٌ ... بارقةً وميضُها يصدُقُني
شكرًا لمن أنطقني سماحُه ... مُطّردًا والدهرُ قد أجرّني
حسبي ندَى أبي السّعودِ نُجعةً ... فقد كفاني محسنًا وكفّني
مفرِّقٌ شملَ النُضارِ جامعٌ ... بين الفروضِ للعُلى والسُنَنِ
يُسرفُ في الجودِ إذا ما حسّنتْ ... عُذْرَ الجوادِ حادثاتُ الزّمن
غيثٌ إذا سُحْبُ الغيوثِ أجدبت ... طوّق أعناقَ الرّدى بالمنَنِ
ذو عاتقٍ يضفو نِجادُ سيفِه ... بأسًا على يعرُبَ أو ذي يزَن
أثبتُ والموتُ يُزلُّ خطوَه ... يومَ يخوضُ غَمرةً من حضَنِ
تحمَدُ منه الخيلُ ذا حفيظةٍ ... إذا الجيوشُ جبُنت لم يجبُنِ
يجنُبُها نواصعًا حُجولُها ... وينثني وهي قواني الثُّنَن
1 / 40