وخِفتُ أن تُجريَ في قابِلٍ ... وقّعْ فما تبقى الى قابِلِ
وقوله في أنوشَرْوان الوزير، وكان في غاية التواضع:
إنّ أنوشَرْوان ما فيهِ ... سوى قيامٍ لمُرجّيهِ
الجودُ كلّ الجودِ في رجله ... وإن تعدّى فإلى فيهِ
روّجْ لراجيك ولو حبّةً ... واقعُدْ على العرشِ من التّيهِ
وله في المعين المختصّ الوزير:
إنّ عندي للمُعين يدًا ... ما حَييتُ الدّهرَ أشكرُها
صانَني عن أن تكونَ له ... منّة عندي أحبِّرُها
فأنا ما عشتُ أعرِفُها ... أبدًا من حيثُ أنكِرُها
وله في الوزير أحمدَ بنِ نظام الملك:
قصدْتُ أرومُ لقاءَ الوزير ... وقد منع الإذنَ بالواحده
وكلٌّ على الباب يبغي الدّخو ... لَ والبابُ كالصّخرةِ الجامده
ولم أعلمِ العُذْرَ في غلْقِه ... فكنتُ أعودُ على قاعدَهْ
فصِحتُ محمّدُ ألاّ فتحتَ ... فقالَ الوزير على المائدهْ
ومن دونِ فتحيَ فتحُ الوجوهِ ... فعُدَّ الرّجوعَ من الفائده
وله فيه:
شكرتُ بوّابَك إذ ردّني ... وذمّهُ غيري على ردِّه
لأنّهُ قلّدني منّةً ... تستوجب الإغراق في حمدِهِ
أعاذني من قُبح ملْقاكَ لي ... وكبرِك الزّائد في حدِّهِ
فعُذْتُ أن أُضبرِعَ خدّي لمن ... ماءُ الحَيا قد غاض من خدِّهِ
وله فيه:
وزيرُنا ليسَ له عادةٌ ... ببذلِ إفضالٍ وإحسانِ
قد جعلَ الكِبْرَ شعارًا له ... فليس يقْضي حقّ إنسان
لو سلِمَ السّلطانُ من كِبْرِه ... عليه ما ردّ بإعلانِ
كأنّه لا كان من تيهه ... مورّثٌ ملكَ سليمانِ
أبوابُه مغلَقةٌ دائبًا ... من دون وُفّادٍ وضِيفانِ
الشريف أبو يعلى محمد بن محمد بن صالح
ابن الهّبارية العباسي الشاعر
من بغداد من شعراء نظام الملك. غلب على شعره الهجاءُ والهزل والسّخف، وسبك في قالب ابن الحجّاج، وسلك أسلوبه، وفاقه في الخلاعة والمجون. والنّظيف من شعره في نهاية الحسن.
حكي عنه أنّه هجا بالأجرة النّظام، فأمر بقتله، فشفع فيه جمال الإسلام محمّد بن ثابت الخُجَنْدِيّ، وكان من كِبار العلماء، فقبِل شفاعته، فقام يُنشد نظام الملك، يومَ عفوِه عنه، قصيدةً، قال في مطلعها:
بعزّةِ أمرِك دارَ الفلَكْ ... حَنانَيْك، فالخَلْقُ والأمرُ لكْ
فقال النّظام: كذبت، ذاك هو الله ﷿، وتمّم إنشادها.
ثم أقام مدّة بأصفهان. وخرج الى كرْمان، وأقام بها الى آخر عمره. مات بعد مدّة طويلة. وذُكر أنّه توفّي في سنة أربع وخمس مئة.
أنشدني شمس الدين أبو الفتح النّطْنَزيّ، قال: أنشدني أبو يعلى ابن الهبّارية لنفسه:
وإذا البَياذقُ في الدّسوت تفرزنت ... فالرّأيُ أن يتبيذَقَ الفِرزانُ
خُذْ جُملةَ البَلْوى ودعْ تفصيلَها ... ما في البريّةِ كلِّها إنسانُ
وأُنشدت له بأصفهان من قصيدة نظام الملك:
أنا جارُ دارِك وهْي في شرع العُلى ... ربْعٌ حرامٌ آمِنٌ جيرانُه
لا يزهدنّك منظري في مَخْبَري ... فالبحرُ مِلْحُ مياهِه عِقيانُه
ليس القُدودُ، ولا البُرود فضيلةً ... ما المرءُ إلا قلبُه ولسانُهُ
وأُنشِدت له في الباقلاء الأخضر:
فصوصُ زمرّدٍ في كيس دُرِّ ... حكتَ أقماعُها تقليمَ ظُفرِ
وقد خاط الرّبيعُ لها ثِيابًا ... لها لونانِ من بيضٍ وخُضْرِ
وأنشدت له أيضًا بها في نظام الملك:
نظامَ العلى، ما بالُ قلبك قد غدا ... على عبدِك المسكين دون الورى فَظّا
أنا أكثرُ الورّادِ حقًّا وحرمةً ... عليكَ فما بالي أقلّهمُ حظّا
وأُنشدت له أيضًا فيه:
وإذا سخِطتُ على القوافي صُغتُها ... في غيره لأذِلَّها وأُهينَها
1 / 11