قدس الله نفسه وطيب رمسه وأنه كان المتولي لأحوال الملك، والقائم بأعمال السلطنة.
هذا وأمثاله إنما يصدر عن أوامره ونواهيه.
ثم أنظر إلى ما اشتهر من أحوال آية الله في المتأخرين، بحر العلوم، مفتي الفرقة، جمال الملة والدين، أبي منصور الحسن المطهر قدس الله روحه وكيف كان ملازمته السلطان المقدس المبرور (محمد خدا بنده) وأنه كان له عدة قرى، وكانت نفقات السلطان وجوائزه واصلة إليه، وغير ذلك مما لو عدد لطال.
ولو شئت أن أحكي عن أحوال عبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر، وكيف كانت أحوالهما في دول زمانهما لحكيت شيئا عظيما.
بل لو تأمل المتأمل، الخالي من المرض قلبه، لوجد المربي للعلماء والمروج لأحوالهم إنما هو الملوك وأركان دولتهم. ولهذا لما قلت العناية بهم، وانقطع توجههم بالتربية إليهم ضعفت أحوالهم، وتضعضعت أركانهم، وخليت أندية العلم ومحافله في جميع الأرض.
وليس لأحد من المفتين أن يقول: إن هؤلاء أحيوا هذه البلاد، وكانت - قبل - مواتا، لأن هذا معلوم البطلان ببديهة العقل.
أما أولا: فلأن بلاد العراق على ما حكيناه كانت بتمامها معمورة، لم يكن لأحد مجال أن يعمر في وسط البلاد قرى متعددة، وما كان بين القربتين والبلدين في البعد قدر فرسخ إلا نادرا، كيف ومجموع معمورها من الموصل إلى عبادان ستة وثلاثون ألف ألف جريب (1).
Page 86