قوانين يوليو .. قوانين يوليو، الكل يردد: قوانين يوليو. وجعل يذهب ويجيء وهو كالمجنون، وقالت له زوجه: الصحة أغلى من أي شيء! - أتدركين حقا ما الخسارة التي حلت بنا؟ - نعم، لست غرة ولا جاهلة، ولكن ما زال عندك الشركة والعمارة والحديقة. - والضرائب الجديدة؟ - الصحة وحدها هي التي لا تعوض!
وتأمل شحوب وجهها الذي يشهد بعكس ما ينطق به لسانها، وتمتم: لا أحد يدري أين يقف الطوفان. - ربنا موجود.
لم ينتبه إلى قولها إلا بعد مرور وقت، والحق قد أذهله، وكاد رغم الكرب يبتسم، وتخيل مرحها الطويل فشعر بأسى، وتمتم: ربنا موجود، ولكن أهو معنا أم علينا؟
فقالت بقوة: ليس في أموالنا مليم حرام.
حتى ذلك لم يعد يصدقه بلا تحفظ، الأصوات التي ترتفع كل يوم وتؤكد أننا شر لصوص سعوا فوق ظهر الأرض؛ ذكاؤنا خبث، اجتهادنا انتهازية، سعينا أنانية، ربحنا سرقة، وجودنا شر واستغلال. كيف يصدق؟! الوجوه تبتسم، لا للتودد ولكن لتداري الشماتة، وأحيانا يتسلل إليه صوت وهو يدخل السيارة: «على الباغي تدور الدوائر»، وإنه لشر أن يغضب أو أن يجادل، وشر منه أن يفكر في رد الاعتداء بمثله. البوليس الذي كان درعه أمسى مطارده، ومعبد القانون تتهاوى أركانه فوق رأسه، ولكن هل يسعه إلا أن يردد مع زوجه: ربنا موجود. •••
قال للشيخ بصوت متهدج من الفرح: يا له من يوم!
فقال له الشيخ بود: لنبدأ الدرس. - ولكن النفس ... أعني أنه يجب أن نتكلم. - لندع الخلق للخالق، ولنمض في طريقنا. - الدنيا تتغير يا مولانا .. من كان يظن ... - ألا تود أن تسمع شيئا عن سيدنا الخضر؟
ولكنه وجد عند زوجه أذنا تسمعه، فقال لها: أخذوا أموال الأغنياء!
لم تفهمني الغبية، وتساءلت: أليست هي رزق الله لهم؟
لوح بيده مغيظا، فعادت تسأل: ماذا أعطوا للفقراء؟
Unknown page