Khalq afʿāl al-ʿibād
خلق أفعال العباد
Investigator
عبد الرحمن عميرة
Publisher
دار المعارف السعودية
Edition Number
الثانية
Publisher Location
الرياض
Genres
العقائد والملل
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَنَهْرٍ يَجْرِي عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَومٍ خَمْسِ مَرَّاتٍ، فَمَا يَبْقَى مِنَ الدَّرَنِ شَيْءٌ» وَعنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِثْلَهُ. " وَأَمَّا الْفِعْلُ مِنَ الْمَفْعولِ، فَالْفِعْلُ إِنَّمَا هُوَ إِحْدَاثُ الشَّيْءِ، وَالْمَفْعولُ هُوَ الْحَدَثُ لِقَوْلِهِ: ﴿خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ فَالسَّموَاتُ وَالْأَرْضُ مَفْعولُهُ، وَكُلُّ شَيْءٍ سِوَى اللَّهِ بِقَضَائِهِ فَهُوَ مَفْعولٌ، فَتَخْلِيقُ السَّمَوَاتِ فِعْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَقُومَ سَمَاءٌ بِنَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ فِعْلِ الْفَاعِلِ وَإِنَّمَا تُنْسَبُ السَّمَاءُ إِلَيْهِ لِحَالِ فِعْلِهِ، فَفِعْلُهُ مِنْ رُبُوبِيَّتِهِ، حَيْثُ يَقُولُ: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة: ١١٧]، وَلَكِنْ مِنْ صِفَتِهِ وَهُوَ الْمَوْصُوفُ بِهِ كَذَلِكَ قَالَ: رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَشْيَاءِ " وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ﵁ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ. قَالَ: " قُلِ: اللَّهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ، قُلْهُ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ «حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا شُعْبَةُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَرَوَاهُ مُعَاذٌ، وَبَهْزٌ، عَنْ شُعْبَةَ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِهَذَا، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، ثنا هُشَيْمٌ بِهَذَا ⦗١١٤⦘.» وَكَذَلِكَ تُؤَدِّي جَمِيعُ لُغَاتِ الْخَلْقِ مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ، وَإِنَّمَا هُوَ الْفَاعِلُ وَالْفِعْلُ وَالْمَفْعولُ، فَالْفِعْلُ صِفَةٌ وَالْمَفْعولُ غَيْرُهُ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ﴾ وَلَمْ يُرِدْ بِخَلْقِ السَّمَوَاتِ نَفْسَهَا وَقَدْ مَيَّزَ فِعْلَ السَّمَوَاتِ مِنَ السَّمَوَاتِ وَكَذَلِكَ فِعْلَ جُمْلَةِ الْخَلْقِ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ﴾ [الكهف: ٥١] وَقَدْ مَيَّزَ الْفِعْلَ وَالنَّفْسَ، وَلَمْ يَصِرْ فِعْلُهُ خَلْقًا، وَأَمَّا الْوَصْفُ مِنَ الصِّفَةِ فَالْوَصْفُ إِنَّمَا هُوَ قَوْلُ الْقَائِلِ حَيْثُ يَقُولُ: هَذَا رَجُلٌ طَويلٌ، وَثَقِيلٌ، وَجَمِيلٌ، وَحَديدٌ، فَالطُّولُ، وَالْجَمَالُ، وَالْحِدَّةُ، وَالثِّقَلُ إِنَّمَا هُوَ صِفَةُ الرَّجُلِ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ وَصْفٌ، وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ: اللَّهُ رَحيمٌ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ، وَاللَّهُ قَديرٌ، فَقَوْلُ الْقَائِلِ وَصْفٌ، وَهُوَ عِبَادَةٌ، وَالرَّحْمَةُ وَالْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ وَالْكِبْرِيَاءُ وَالْقُوَّةُ كُلُّ هَذَا صِفَاتُهُ، وَأَمَّا الْكَذِبُ مِنَ الصِّدْقِ فَقَوْلُ الْقَائِلِ: فُلَانٌ هَا هُنَا وَهُوَ غَائِبٌ فَهُوَ كَذِبٌ فَلوْ كَانَ حَاضِرًا لَكَانَ صِدْقًا، وَالْكَلِمَةُ وَاحِدَةٌ، وَإِنَّمَا صَارَ صِدْقًا وَكَذِبًا بِالْحَالِ الْمَعْنَى، وَكَذَلِكَ لوْ إِنَّ رَجُلًا قَالَ: إِنَّ اللَّهَ رَحيمٌ وَيَرْحَمُ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ وَيَعْلَمُ، وَاللَّهُ قَديرٌ وَيَقْدِرُ، وَاللَّهُ سَمِيعٌ وَيَسْمَعُ، وَلَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ مَعْنًى كَمَا وَصَفْنَا فِي شَأَنِ الْكَذِبِ وَالصِّدْقِ، لَكَانَ قَوْلُهُ كَذِبًا، وَإِنَّمَا صَارَ هَذَا الْقَوْلُ صِدْقًا وَعِبَادَةً وَطَاعَةً لِحَالِ الْمَعْنَى " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْفَاعِلِ وَالْمَفْعولِ وَالْفِعْلِ، فَقَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ: الْأَفَاعِيلُ كُلُّهَا مِنَ الْبَشَرِ لَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ، وَقَالتِ الْجَبْرِيَّةُ: الْأَفَاعِيلُ كُلُّهَا مِنَ اللَّهِ، وَقَالتِ الْجَهْمِيَّةُ: الْفِعْلُ وَالْمَفْعولُ وَاحِدٌ، لذلكَ قَالُوا: لَكِنْ مَخْلُوقٌ، وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: التَّخْليقُ فِعْلُ اللَّهِ، وَأَفَاعِيلُنَا مَخْلُوقَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾ [الملك: ١٣]، يَعْنِي السِّرَّ وَالْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ، فَفِعْلُ اللَّهِ صِفَةُ اللَّهِ، وَالْمَفْعولُ غَيْرُهُ مِنَ الْخَلْقِ، وَيُقَالُ لِمَنْ زَعَمَ أَنِّي لَا أَقُولُ: الْقُرْآنُ مَكْتوبٌ فِي الْمُصْحَفِ وَلَكِنَّ الْقُرْآنَ بِعَيْنِهِ فِي الْمُصْحَفِ، يَلْزَمُكَ أَنْ تَقُولَ: إِنَّ مَنْ ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْمَدَائِنِ وَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمَا وَإِبْلِيسَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنودِهِمَا وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ عَايَنْتُهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ فِي الْمُصْحَفِ، لِأَنَّ فِرْعَوْنَ مَكْتوبٌ فِيهِ، كَمَا أَنَّ الْقُرْآنَ مَكْتوبٌ، وَيَلْزَمُكَ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا حِينَ تَقُولُ فِي الْمُصْحَفِ، وَهَذَا أَمْرٌ بَيِّنٌ لِأَنَّكَ تَضَعُ يَدَكَ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ وَتَرَاهَا بِعَيْنِكَ: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥]، فَلَا يَشُكُّ عَاقِلٌ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَعْبودُ، وَقَوْلُهُ: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥] هُوَ قُرْآنٌ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْقُرْآنِ هُوَ قَوْلُهُ، وَالْقَوْلُ صِفَةُ الْقَائِلِ مَوْصُوفٌ بِهِ فَالْقُرْآنُ قَوْلُ اللَّهِ ﷿، وَالْقِرَاءَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالْحِفْظُ للقُرآنِ هُوَ فِعْلُ الْخَلْقِ لِقَوْلِهِ: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ فَقَوْلُهُ: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ وَالْقِرَاءَةُ فِعْلُ الْخَلْقِ وَهُوَ طَاعَةُ اللَّهِ، وَالْقُرْآنُ لَيْسَ هُوَ بِطَاعَةٍ إِنَّمَا هُوَ الْأَمْرُ بِالطَّاعَةِ، وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ: ﴿وَقُرآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾ [الإسراء: ١٠٦]، وَقَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ﴾ [فاطر: ٢٩]، ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر: ١٧] "
1 / 113