حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنَ يُوسُفَ الزِّمِّيَّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا تَقُولُ فِي قَوْمٍ يَقُولُونَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ؟ فَقَالَ: «أَمِنَ الْيَهُودِ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَمِنَ النَّصَارَى؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَمِنَ الْمَجُوسِ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَمِمَنْ. . . .؟» قَالَ: مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ، قَالَ: " لَيْسَ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ، هَؤُلَاءِ الزَّنَادِقَةُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ مَخْلُوقٌ، يَقُولُ اللَّهُ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١]، فَاللَّهُ لَا يَكُونُ مَخْلُوقًا، وَالرَّحْمَنُ لَا يَكُونُ مَخْلُوقًا، وَالرَّحِيمُ لَا يَكُونُ مَخْلُوقًا، وَهَذَا أَصْلُ الزَّنَادِقَةِ، مَنْ قَالَ هَذَا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، لَا تُجَالِسُوهُمْ وَلَا تُنَاكِحُوهُمْ " وَقَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: " الْجَهْمِيَّةُ الزَّنَادِقَةُ إِنَّما يُرِيدُونَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى. وَحَلَفَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، بِالِلَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، مَنْ قَالَ: «إِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ زِنْدِيقٌ، وَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ» . وَقِيلَ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، إِنَّ قَوْمًا بِبَغْدَادَ يَقُولُونَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ، فَقَالَ: " وَيْلَكَ مَنْ قَالَ هَذَا؟ عَلَى مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ لَعْنَةُ اللَّهِ وَهُوَ كَافِرٌ زِنْدِيقٌ، وَلَا تُجَالِسُوهُمْ " ⦗٣١⦘. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: " مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ ". وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: «الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ نَزَلَ بِهِ جَبْرَائِيلُ، مَا يُجَادِلُونَ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ» . وَقَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: مَنْ قَالَ: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا﴾ [طه: ١٤] مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ، وَلَا يَنْبَغِي لِمَخْلُوقٍ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ "، وَقَالَ أَيْضًا: «
[البحر البسيط]
فَلَا أَقُولُ بِقَوْلِ الْجَهْمِ إِنَّ لَهُ ... قَوْلًا يُضَارِعُ قَوْلَ الشِّرْكِ أَحْيَانَا
وَلَا أَقُولُ تَخَلَّى مِنْ بَرِيَّتِهِ ... رَبُّ الْعِبَادِ وَوَلَّى الْأَمْرَ شَيْطَانَا
مَا قَالَ فِرْعَوْنُ هَذَا فِي تَجَبُّرِهِ ... فِرْعَوْنُ مُوسَى وَلَا فِرْعَوْنُ هَامَانَا» .
وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: «لَا نَقُولُ كَمَا قَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ إِنَّهُ فِي الْأَرْضِ هَهُنَا، بَلْ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى»، وَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ تَعْرِفُ رَبَّنَا؟ قَالَ: «فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ»، وَقَالَ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ: «أَتَظُنُّكَ خَالِيًا مِنْهُ؟ فَبُهِتَ الْآخَرُ» وَقَالَ: " مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَخْلُوقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ، وَإِنَّا لَنَحْكِي كَلَامَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَحْكِيَ كَلَامَ الْجَهْمِيَّةِ ". وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: «الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ» . وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ: " الْجَهْمِيَّةُ أَشَرُّ قَوْلًا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، قَدِ اجْتَمَعَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَأَهْلُ الْأَدْيَانِ أَنَّ اللَّهَ ﵎ عَلَى الْعَرْشِ، وَقَالُوا هُمْ: لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ شَيْءٌ ". وَقَالَ ضَمْرَةُ: عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ: " تَرَكَ الْجَهْمُ الصَّلَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَى وَجْهِ الشَّكِّ، فَخَاصَمَهُ بَعْضُ السُّمَنِيَّةُ، فَشَكَّ فَأَقَامَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا يُصَلِّي قَالَ ضَمْرَةُ: وَقَدْ رَآهُ ابْنُ شَوْذَبٍ ⦗٣٢⦘. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبي سَلَمَةَ: «إِنَّ كَلَامَ جَهْمٍ صِفَةٌ بِلَا مَعْنًى، وَبِنَاءٌ بِلَا أَسَاسٍ، وَلَمْ يُعَدَّ قَطُّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ» . " وَلَقَدْ سُئِلَ جَهْمٌ عنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَقَالَ: عَلَيْهَا الْعِدَّةُ ". فَخَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ بِجَهْلِهِ، وَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: ﴿فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ [الأحزاب: ٤٩] " وَقَالَ عَلِيٌّ: " إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ لِلَّهِ وَلَدًا أَكْفَرُ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ، وَقَالَ: احْذَرْ مِنَ الْمَرِيسِيِّ وَأَصْحَابِهِ فَإِنَّ كَلَامَهُمْ يَسْتَجْلِبُ الزَّنْدَقَةَ، وَأَنَا كَلَّمْتُ أُسْتَاذَهُمْ جَهْمًا فَلَمْ يُثْبِتْ لِي أَنَّ فِي السَّمَاءِ إِلَهًا ". وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ يُسَمِّيهِمْ زَنَادِقَةَ الْعِرَاقِ، وَقِيلَ لَهُ: " سَمِعْتَ أَحَدًا يَقُولُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، فَقَالَ: هَؤُلَاءِ الزَّنَادِقَةُ وَاللَّهِ، لَقَدْ فَرَرْتُ إِلَى الْيَمَنِ حِينَ سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يُكَلِّمُ بِهَذَا بِبَغْدَادَ فِرَارًا مِنْ هَذَا الْكَلَامِ "، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ: سَمِعْتُ ابْنَ مُصْعَبٍ، يَقُولُ: " كَفَرَتِ الْجَهْمِيَّةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، قَوْلُهُمْ: إِنَّ الْجَنَّةَ تَفْنَى، وَقَالَ اللَّهُ: ﴿إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ﴾ [ص: ٥٤]، فَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا تَنْفَدُ فَقَدْ كَفَرَ، وَقَالَ: ﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا﴾ [الرعد: ٣٥]، فَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا لَا تَدُومُ فَقَدْ كَفَرَ، وَقَالَ: ﴿لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ﴾ [الواقعة: ٣٣]، فَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا تَنْقَطِعُ فَقَدْ كَفَرَ، وَقَالَ: ﴿عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: ١٠٨]، فَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا تَنْقَطِعُ فَقَدْ كَفَرَ، وَقَالَ: أَبْلِغُوا الْجَهْمِيَّةَ أنَّهُمْ كُفَّارٌ، وَأَنَّ نِسَاءَهُمْ طَوَالِقُ ". وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ﴾ [النساء: ١٧١] قَالَ: " هُوَ قَوْلُهُ: ﴿كُنْ﴾ [الأنعام: ١١٧] فَكَانَ ". وَقَالَ ابْنُ مَعْدَانَ، سَأَلْتُ الثَّوْرِيَّ: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ﴾، قَالَ: «عِلْمُهُ» ⦗٣٣⦘. وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: وَذُكِرَ لَهُ أَنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، فَقَالَ: " كَيْفَ تَصْنَعُونَ بِـ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١] كَيْفَ تَصْنَعُونَ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا﴾ [طه: ١٤] ". وَقَالَ عَفَّانُ: " مَنْ قَالَ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١] مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ ". وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: " الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ، مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ، لَا يُصَلَّى خَلْفَهُ ". قَالَ وَكِيعٌ: «مَنْ كَذَّبَ بِحَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الرُّؤْيَةِ فَهُوَ جَهْمِيٌّ فَاحْذَرُوهُ» . وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: " مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ لَمْ يَعْقِدْ قَلْبَهُ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ فَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْإِسْلَامِ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «نَظَرْتُ فِي كَلَامِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ فَمَا رَأَيْتُ أَضَلَّ فِي كُفْرِهِمْ مِنْهُمْ، وَإِنِّي لَأَسْتَجْهِلُ مَنْ لَا يُكَفِّرُهُمْ إِلَّا مَنْ لَا يَعْرِفُ كُفْرَهُمْ» وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَفَّانَ، ذُكِرَ أَمَامَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي السَّنَةِ الَّتِي ضُرِبَ فِيهَا الْمَرِيسِيُّ فَقَامَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مِنْ مَجْلِسِهِ مُغْضَبًا فَقَالَ: " وَيْحَكُمْ، الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ، قَدْ صَحِبْتُ النَّاسَ وَأَدْرَكْتُهُمْ، هَذَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَهَذَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، حَتَّى ذَكَرُوا مَنْصُورًا، وَالْأَعْمَشَ، وَمِسْعَرَ بْنَ كِدَامٍ فَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَدْ تَكَلَّمُوا فِي الِاعْتِزَالِ وَالرَّفْضِ وَالْقَدَرِ، وَأَمَرُوا بِاجْتِنَابِ الْقَوْمِ، فَمَا نَعْرِفُ الْقُرْآنَ إِلَّا كَلَامَ اللَّهِ، وَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، مَا أَشْبَهَ هَذَا الْقَوْلُ بِقَوْلِ النَّصَارَى، وَلَا تُجَالِسُوهُمْ وَلَا تَسْمَعُوا كَلَامَهُمْ ". وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ وَذُكِرَ الْمَرِّيسِيُّ فَقَالَ: «مَا تَقُولُ الدُّوَيْبَةُ، مَا تَقُولُ الدُّوَيْبَةُ؟» اسْتِهْزَاءً بِهِ. قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ: «جَاءَ ذَاكَ الْخَبِيثُ فَسَأَلَنِي عَنْ حَدِيثٍ، وَلَوْ عَرَفْتُهُ مَا حَدَّثْتُهُ»
1 / 30