هل أحبه حقا؟ المؤكد أنني أحب حبه لي، إن هذا الجمال الذي أراه في المرآة أعظم من أن يحب، وإنما يجب فقط أن يستقبل حب الناس، كان توفيق بارعا في حبه لي، وقد أحببت حبه هذا لي وثقت به، وظن الناس أنني أحبه هو، كم هم مجانين هؤلاء الناس؟! كيف يتصورون أن هذا الجمال يستطيع أن يحب؟ إن جمالي خلق ليحبه الناس فقط، وحسب توفيق أنني أعطيه حقوق الزوج، ويكون مجنونا كل من يفكر أن ينال جسمي وقلبي أيضا، وحين وهبت لتوفيق هذا الجسم كان هناك شرط واحد وضعته لنفسي، ولم أخبر به أحدا، وما حاجتي أن أخبر به أحدا، وأنا وحدي التي أستطيع أن أحافظ على تنفيذه دون عون من أحد؟
لقد وهبت جسمي لتوفيق على ألا يفسد جماله، ولهذا رفضت أن أحمل أطفالا رفضا باتا، ولم يعلم توفيق برفضي هذا حتى لا يناقشني فيه، فهو أمر لا أفكر في مناقشته على الإطلاق.
مسكين توفيق كان في كل شهر يمر بي على أطباء أمراض النسا، وكان الأطباء جميعا يقولون ليس هناك ما يمنع الحمل، ولم يكن أحد منهم يتصور أنني أنا التي أمنع الحمل، وليس غيري.
وفي يوم لا أنساه لم أتخذ ما أتخذه دائما من احتياط، وعلمت أنني حامل، وأوشك توفيق أن يعرف، فقد كان يحسب المواعيد كسيدة وداعبه الأمل يوما وبعض يوم، وكنت أنا قد سارعت في خفية منه إلى الطبيب، وتخلصت من الطفل، ومات توفيق المسكين، وهو لا يعلم عن هذه الواقعة شيئا، كيف أطيق أن أعبئ طفلا داخل بطني الضامرة هذه، ثم أرضعه أيضا هيهات ... كيف يجرؤ طفل أن يدمر جمالي هذا؟ إنه هبة من الله علي أن أجعلها معبدا للحب، ثم لا شيء آخر. لست أنثى كجميع النساء، إنني نوع من الجمال يحبو به الله البشرية كل حين بعيد وحين.
أعتقد أن دري لا يهمه أن ينجب أطفالا، وما حاجته إلى أكثر من عبير؟ وإن كان يريد أطفالا فليأت بهم من غيري! أي غيري؟ أيجرؤ أن ينظر إلى غيري وهو زوجي؟ إن زوجي يجب أن تكون وظيفته زوجي فقط، هكذا كان توفيق، ولا بد أن يكون دري.
ولكن دري طبيب مشهور، وما شأني أنا، ولكن لا بأس أن أكون زوجة لمشهور؛ فالشهرة مع الجمال أمر لا بأس به في حد ذاته، ولو أني ضيقت عليه المسالك أغلب الأمر، فإنه سيفقد الشهرة، مجانين هؤلاء الناس؟ ألا يكفي أن يكون دري زوجي، حتى يذهب إليه جميع الناس؟ ألا بد أن يكون ماهرا أيضا في عمله ودقيقا في عملياته ومحافظا على مواعيده؟
ولكن من ناحية أخرى، لا بأس بهذه الشهرة، فهي ترغم الرجل أن يكون عفيفا مع النساء، فلا يتبذل حتى لا تسوء سمعته.
إن صلته بسهام لا تعجبني، إن سهام لا يمنعها شيء في سبيل أن تثبت لنفسها أنها في مثل جمالي، مسكينة سهام لقد أفسدت عليها حياتها، وأنا ماذا بيدي أن أصنع؟! هكذا خلقت بهذا الجمال! وما كان من الممكن أن تخلق اثنتان في مثل جمالي حتى وإن كانت الثانية هي أختي الشقيقة.
إن كان بين دري وسهام شيء، فلا بد أن ينقطع، وسوف أمنعه أن يذهب، لا بد أن أمنعه، فإنني واثقة أنني لا بد أمنعه؛ فأنا أعرف سهام وليس بعيدا أن يكون بينها وبين دري شيء ما، بل لا بد أن هناك شيئا؛ فحمدي لا يصلح صديقا لدري، بل لا يصلح صديقا لأحد أبدا، وناهد لا تصلح صديقة لسهام؛ فأنا أعرف النوع الذي تحب سهام أن تصادقه وليست ناهد من هذا النوع.
الصداقة الوحيدة - وهي ليست صداقة - التي يمكن أن تقوم هي تلك التي تربط دري بسهام، وإن لم تكن علاقة قد قامت فلا شك أن سهام ستقيمها بعد أن يتزوجني دري؛ فأنا التي أنغص عليها بجمالي حياتها، وعدم زيارة دري كفيلة أن تقطع العلاقة إن كانت قامت أو تمنع قيامها إن حاولت سهام أن تقيمها.
Unknown page