ولكن إذا نحن استطردنا بعض الشيء نقول إنه ضرورة في هذه المذاهب كل ما لا يتجزأ فهو يجب أن يكون غير منفعل؛ لأنه لا يمكن أن يكون منفعلا وقابلا أي فعل ما إلا بالخلو الذي هو غير مقبول عندهم، وهو كذلك لا يمكنه أن يحدث أي فعل ما في أي شيء اتفق ما دام أنه لا يمكن أن يكون لا صلبا ولا باردا مثلا. وفي الحق إنه من السخف الاقتصار على تخصيص الحرارة بالشكل الكري وحده فقط؛ لأنه من ثم يكون بالضرورة الكيف المضاد - أعني البرودة - يتعلق بشكل آخر غير الكرة.
ولكن إذا كان هذان الكيفان يوجدان في الأشياء - أعني الحرارة والبرودة - فيكون من السخف الاعتقاد بأن الخفة والثقل والصلابة والرخاوة لا يمكن أن تكون فيها أيضا. وإني أعترف بأن ديمقريطس يزعم أن كل ما لا يتجزأ يمكن أن يكون أكثر ثقلا إذا كان أكبر حجما بحيث إنه - بالبين بذاته أيضا - يمكن أن يكون أكثر حرارة.
10
ولكنه من المحال - متى كان الأمر على ما يقال - أن تلك التي لا تتجزأ لا تقبل تأثيرا ما بعضها من قبل البعض الآخر، وأن ما هو متوسط الحرارة مثلا لا يقبل تأثيرا من قبل ما له حرارة أكثر منه للغاية. ولكن إذا كان الصلب يقبل تأثيرا فالرخو أيضا يجب أن يقبل تأثيرا؛ لأنه لا يقال على شيء إنه رخو إلا مع الاستحضار الذهني لفعل يمكنه احتماله ما دام الجسم الرخو هو بالضبط هذا الذي يطاوع الضغط بسهولة.
11
ومع ذلك ليس أقل سخفا ألا يقبل في الأشياء مطلقا شيء إلا الصورة، وإذا تقبل الصورة فمن السخف ألا يفترض فيها إلا واحدة إما مثلا البرودة وإما الحرارة؛ لأنه لا يمكن أن يوجد طبع واحد بعينه لهاتين الظاهرتين المتقابلتين.
12
وفي الحق إن من المحال أيضا على سواء أن يفترض أن الموجود مع بقائه واحدا يمكن أن تكون له عدة صور؛ لأنه بما هو لا يتجزأ قد يعاني تغاييره المختلفة في النقطة عينها. وبالنتيجة فعبثا ينفعل، فيبرد مثلا، وبهذا عينه يحدث أيضا فعلا آخر، أو بل يقبل أي تأثير آخر اتفق.
13
يمكن استخدام هذه التنبيهات أنفسها بالنسبة لجميع التغايير الأخرى؛ لأنه سواء قبل القول بجوامد لا تتجزأ أو قبل القول بسطوح لا تتجزأ فالنتائج تكون هي أنفسها ما دام ليس ممكنا أن اللامتجزئة تكون تارة أكثر تخلخلا وتارة أكثر كثافة إذا لم يوجد خلو في اللامتجزئة.
Unknown page