2
ومع ذلك فإن أنكساغوراس في هذا قد نكر التعبير الخاص وغلب في لغته الخلط بين ولد وهلك وبين تغير. على أنه يعترف بتعدد العناصر كما يفعل فلاسفة آخرون. كذلك قال أمبيدقل إن عناصر الأجسام كانت أربعة، وإنه بإضافة العنصرين المحركين يكون المجموع ستة عناصر. أما أنكساغوراس فإنه ارتأى أنها غير متناهية في العدد كما كان يرى لوكيبس وديمقريطس. والواقع أن أنكساغوراس كان يعتبر عناصر الأجسام المركبة من أجزاء متماثلة؛ المتشابهة الأجزاء، مثل العظم واللحم والنخاع وجميع المواد الأخرى التي كل جزء منها مرادف للكل.
3
ويزعم ديمقريطس ولوكيبس أن جميع الأجسام مركبة في البداية من أجزاء لا تتجزأ أو ذرات، وهي غير متناهية لا في عددها ولا في أشكالها، وأن الأجسام لا تختلف في أصلها بعضها عن بعض إلا بالعناصر التي تتركب منها وبوضع هذه العناصر وترتيبها.
4
ويظهر هنا أن أنكساغوراس من رأي معارض لرأي أمبيدقل؛ لأن هذا الأخير يقول بأن النار والماء والهواء والأرض هي الأربعة العناصر، وأنها أبسط من اللحم أو العظم أو أي عنصر آخر من العناصر المتشابهة فيما بينها أو الأجسام المتشابهة الأجزاء. ولكن أنكساغوراس على الضد من ذلك يزعم أن الأجسام المتشابهة الأجزاء هي بسيطة، وأنها هي العناصر الحقيقية بينما أن الأرض والنار والهواء مركبة، وأن جراثيم العناصر منتشرة في كل مكان.
5
على ذلك متى أدعي أن جميع الأشياء تخرج من عنصر واحد لا غير لزم ضرورة اعتبار كون الأشياء وفسادها كمجرد استحالة، فيكون إذن الموضوع للظواهر دائما واحدا ودائما هو بعينه. فإنما على موضوع من هذا القبيل يمكن أن يقال إنه يعاني استحالة ، ولكن متى سلم بأنواع متعددة للجواهر وجب التسليم أيضا بأن الاستحالة تخالف الكون؛ لأن كون الأشياء وفسادها حينئذ يحصلان باتحاد العناصر أو بافتراقها.
6
وفي هذا المعنى أمكن لأمبيدقل أن يقول:
Unknown page