اغتراف البحار، فلا بد من فتح دورة الحديث وتدريسه له خاصة، فإنه لم يأت على أعتابك تلميذ يتوسم فيه ما يتوسم في المولوي محمد يحيى ولم يزل يمدحه ويشفعه ويظهر كمال قابليته إلى أن رضى حضرة القطب الكنكوهي -قدس الله سره العزيز- بتدريس دورة الحديث فشرع فيها بغاية الطمأنينة والتحقيق فلولا تزول الماء في عيني حضرته -قدس الله سره العزيز- الذي اضطره إلى ختم الدورة تيك في مقدار سنتين لأدى الأمر إلى مدة طويلة تنوف عن أربع أو خمس سنوات، ولما فاز حضرة الوالد المرحوم بمرامه الذس كان مضطربًا له منذ مدة مديدة سر جدًا وبذل غاية جده في سائر ما يلزم لطالب العلم عمومًا، ولطالب الحديث خصوصًا، فكان يقول إنه لم يفتني شيء من روايات الصحاح الستة، وكتب الدورة عن السماع أو القراءة لدى حضرة الأستاذ -قدس الله سره العزيز-.
وكان رحمه الله تعالى بعد الفراغ عن الدرس يكتب سائر ما يسمع من حضرة الأستاذ باللغة العربية، فهذه المجموعة المهداة إلى أرباب البصائر هي تلك المضامين التي جمعها حضرة سيدي الوالد -قدس الله سره العزيز- حتى ينتفع بها العامة من أرباب العلم والكمال، وكان يقول إني كنت في أيام كتابة التقريرات لا اشتغل بعمل ما ما لم أفرغ من الكتابة المذكورة، ثم كنت أعطي من طلبها من الشركاء فيكتبون تقاريرهم بالهندية بالاستعانة منها وهي وإن كانت قليلة الحجم والمبنى، ولكن الفطن الممعن لن يتوقف في أنها بحر زاخر أحرز في كوز، فاحتوت على كثير من المباحث العلية والنكات العلمية والفوائد العظيمة التي خلت عنها الشروح والحواشي، ولأجل ذلك صرف عدة من فضلاء العصر مبلغًا جسيمًا لاستنساخ هذه المجموعة فاستفاد بها لدى تدريس الحديث، وكثيرًا ما كنت اشتهي أن تطبع هذه التقارير فتحفظ عن الضياع ويعم نفعها لأرباب العلم.
ثم قوى هذا العزم إصرار بعض الأكابر على ذلك فوق العادة لكنه كان يعوقني عن الإقدام إلى ذلك أن جامعها وإن كان صاحب صفات كاملة من التبحر
1 / 16