Kawakib
الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Publisher Location
بيروت-لبنان
Genres
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا). قَالَ عُمَرُ قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِى نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِىِّ ﷺ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ.
ــ
ما تحتاجون إليه في تكليفكم من تعليم الحلال والحرام والتوقيف على الشرائع وقوانين القياس (وأتممت عليكم نعمتي) بذلك أي بكمال أمر الدين لأنه لا نعمة أتم من نعمة الإسلام (ورضيت لكم الإسلام دينًا) بمعنى اخترته لكم ن بين الأديان وآذنتكم بأنه هو الدين المرتضى وحده. قوله: (أي آية) فإن قلت هل فرق بين أن يقال أي آية وأن يقال ما تلك الآية. قلت نعم السؤال بأي إنما هو عما يميز أحد المتشاركات وبما عن الحقيقة والغرض ههنا طلب تعيين تلك الآية وتمييزها عن سائر الآيات التي في الكتاب مقروءة قوله: (قد عرفنا) معناه أنا ما أهملناه ولا خفي علينا زمان نزولها ولا مكان نزولها وضبطنا جميع ما يتعلق بها حتى صفة النبي ﷺ وموضعه في زمان النزول وهو كونه قائمًا حينئذ وهو غاية في الضبط. فإن قلت عرفة والجمعة يدلان على الزمان فما الذي يدل على مكان النزول. قلت أما أن يقال علم من عرفة أيضًا أما لأن زمان الوقوف بعرفة أنما هو في عرفات وأما لأن عرفة قد تطلق على عرفات أيضًا فيراد ههنا كلا المعنيين على مذهب من جوز أعمال اللفظ المشترك في معنييه كالشافعي وغيره أو يقال إنما قال عرفنا المكان ولكن لم نتعرض لتعيينه. فإن قلت بم يتعلق بعرفة. قلت أما بقائم وإما بنزلت. قوله: (يوم الجمعة) في بعض الروايات يوم جمعة وهو بضم الميم وإسكانها وفتحها والفرق بين فعلة ساكن العين وفعلة متحركة أن الساكن بمعنى المفعول والمتحرك بمعنى الفاعل يقال رجل ضحكة بسكون الحاء أي مضحوك عليه وضحكة بتحريك الحاء أي ضاحك على غيره وكذا همزة لمزة فمعناه إما مجموع فيه الناس وإما جامع للناس وهذه قاعدة كلية. فإن قلت عرفة غير منصرف اتفاقًا للعلمية والتأنيث فما بال الجمعة منصرفًا مع أنها مثلها في كونها اسمًا للزمان المعين وفيه تاء التأنيث قلت عرفة علم والجمعة صفة أو غير صفة ليس علمًا ولو جعل علمًا لامتنع من الصرف. فإن قلت كيف طابق الجواب السؤال لأنه قال لاتخذناه عيدًا وقال عمر ﵁ عرفنا أحواله ولم يقل جعلناه عيدًا. قلت لما بين أن يوم النزول كان عرفة ومن المشهورات أن اليوم الذي بعد عرفة هو عيد للمسلمين فكأنه قال جعلناه عيدًا بعد إدراكنا استحقاق ذلك اليوم للتعييد فيه. فإن قلت فلم ما جعلوا يوم
1 / 178