88

============================================================

وحج وهو خليفة قلم يضرت له خيمة، ولا خباء حتى رجع.

وكان عالي الؤتبة في الحكمة، استعظم رجل الشطرنج عنده، وقال: إنها مختصرة(1)، ثم يقع فيها أنواع غير متناهية من اللعب. فقال: رقعة الوجه أصغر من رقعته، ولكل عضو من أعضاء الوجه موضع منه لا يتغير، فالعين لها موضع معين، وكذا الأنف والفم، ومع ذلك يقع فيه من الاختلاف ما لا يتناهى، فإنك لا ترى إنسانين في جميع المشرق والمغرب مماثل صورتهما، من كل الوجوه.

قال الإمام الرازي: وهذا دالك على كمال علمه وحكمته.

ومن كراماته العلية المقدار ما جاة في بعض الأخبار، ومرت الإشارة إليه (2) أنه أمر سارية على جيش، وجهزه إلى بلاد فارس، فاشتد على عسكره الحال، وهو يحاصر نهاوند، وكثرت جموغ الأعداء، وكاد المسلمون ينهزمون، وعمر بالمدينة فصعد المنبر، ونادى بأعلى صوته: يا سارية الجبل. فسمع الجيش صوته وهم بنهاوند، فلجؤوا إلى الجبل، فنجوا وانتصروا، وكان عليي حاضرا، فقيل له: ما هذا الذي يقوله أمير المؤمنين؟ وأين سارية منا؟ فقال كرم الله وجهه: دعوه، فما دخل في أمر إلأ وخرج منه، ثم تبين الحال بالآخرة.

ومنها: أنه قال لرجل: ما اسمك؟ قال: جمرة . قال: ابن من ؟ قال : ابن شهاب. قال: ممن ؟ قال: من الحرقة. قال: أين مسكنك ؟ قال : الحرة (3) .

قال: بأيها ؟ قال: بذات لظى. فقال عمر: أدرك أهلك؛ فقد احترقوا. فكان كذلك.

ومنها: أنه كان إذا جاء أوان زيادة نيل مصر لا يجري حتى يلقوا فيه جارية بكرا مزينة بالخلي والحلل، فلما فتحت، وجاء وقث الزيادة، وقالوا لعمرو بن العاص ذلك فأبى، فلم يجر النيل قليلا ولا كثيرا، حتى هم أهل مصر بالجلاء، عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر ين الخطاب وهو ضعيف، ومع ذلك فقد قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. جامع الأصول 117/8.

(1) في (ب): محتقرة.

(2) انظر صفحة (11/1).

(3) في مختصر تاريخ دمشق 321/18: بحرة النار.

Page 88