والأجساد، بشجى (١) الحساد، ويركض أقلام التعليم جائلة، ويعطي صور الأفلاك مستقيمة ومائلة، سابقا في كل ما أعاده وأبداه، ما لم يزاحم في مداه، ولا ظفرت به ألا يداه، إلى تحسين المجالسة وبيان الإلقاء، والجمع بين معاملة الآباء ومعاملة الأصدقاء. ظفرت منه يدي بالنهر الذي أمن غائصة الدرك، وجمع فيه القوم بين آخذ ومن ترك، هذا يندم لزهده، وهذا لما ترك من جهده، (١٩آ) فقل أن أتبجح (٢) بغريبة، إلا وهي له اليوم منسوبة، وعلي له محسوبة، تعاهده الله تعالى من الرحمة بسحاب، ومن الملائكة الكرام بترحاب. وكان يشعر وينثر، ويعثر من المعاني ما لا يمر به غيره ولا يعثر، وقدر هذا الشيخ اقل من ان تستوعبه هذه الأسطر، أو يفي به خاطر يخطر، فسبحان الذي حجب الفضائل (٣) بالتراب، وشبه هذا المتاع الفاني بلمع السراب (٤) لا اله إلا هو. من مجموع سماه السليمانيات والعربيات قوله:
نام الطفل النبت في حجر النعامى ... لاهتزاز الظل في مهد الخزامى
وسقى الوسمي أغصان النقا ... فهوت تلثم أفواه الندامى
كحل الفجر لهم جفن الدجى ... وغدا في وجنة الصبح لثاما
تحسب (٥) البدر محيا ثمل ... قد سقته راحة الصبح مداما
حوله الشهب كؤوس قد غدت ... مسكة الليل عليهن ختاما
_________
(١) ج ك: بحشا.
(٢) هذه العبارة مضطربة في النسخ إذ تبدأ الكلمة (فقال) ثم إن لفظة أتبجح ساقطة من ج ك، وهي يتبجح في د.
(٣) د: الفضل.
(٤) ج ك: بالسراب.
(٥) ك: يحسب.
1 / 74