Kashifat Hal
كاشفة الحال عن أحوال الاستدلال
Genres
لاختصاص الراوي بحاجة المجتهد إليه، واختصاص القاضي بحاجة الأشخاص الى قطع المنازعات، وعموم حاجة الكل إلى المفتي في تعريف جميع الأحكام، فكان وجوده من ضروريات الدين وتمام شرائط التكليف.
فلا يجوز خلو الزمان عنه، ولو خلا بلد منه وجب عليهم النفور إلى بلد يمكنهم فيها تحصيل الشرائط على الكفاية، بمضمون قوله تعالى فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين (1).
أوجب النفور على طائفة غير معينة، فيجب النفور على الكل، حتى يحصل منهم من يقوم بذلك، فيسقط به الوجوب عن الباقين.
ولا يجوز لهم الاشتغال عن ذلك بشيء من العبادات ولا غيرها، إلا بقدر تحصيل المعاش الضروري لا غير، ولو لم يفعلوا ذلك كان الكل مأثوما مخاطبا، إذ لا يحل لهم صرف شيء من الزمان في غير ذلك، وأما خلو جميع البلاد منه فغير جائز عندنا، لاستلزامه رفع التكليف، وفسق جميع الامة وخروجهم عن العدالة أجمع، وهو مستلزم رفع الثقة بشيء من أحكام الدين.
ولا يجوز لمن ليس موصوفا بالعلم والعدالة والفتوى بإجماع الامة، لأنه قول بمجرد التشهي، وقول على الله بما لم يعلم، فلا يصح الفتوى للمقلد سواء قلد حيا أو ميتا، بلى من سمع من المفتي الفتوى بشيء من الأحكام، وكان السامع موصوفا بالعدالة، متقنا لما سمع عارفا بمعناه، صح له ان يرويه، وصح لذلك الغير العمل بما يحكيه له عن المفتي، إذا كان عارفا بعدالة الراوي والمروي عنه، وأنه موصوفا بشرائط المفتي، ويسمى ذلك راويا لقول المفتي لا مفتيا، فلا يتصرف تصرف المفتي.
لكن يشترط بقاء المفتي، إذ لو مات بطلت الرواية لفتواه، وحكاية
(1) التوبة: 122.
Page 148