وأما النحو:
فهو العلم المحتاج إليه كل الاحتياج، ليأمن اللحن في الفهم والتفهيم، وفي معاني الكلام، وضوابط دلالاته، لتحصل الفائدة التامة منه.
والواجب على المستدل، معرفة ما يتعلق بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، المتعلقين بالفقه، ولا يجب عليه معرفة ما عدا ذلك منه، بل ولا يجب أن يكون في معرفته كسيبويه (1) ونفطويه (2)، بل قال بعض مشايخنا ممن نعتمد على قوله: «إنه يكتفي فيه، بالرجوع في معرفة إعراب الآيات ومعانيها، إلى الكتب المصححة في ذلك، وكذلك الأحاديث، وإن لم يكن عالما بالاصطلاحات النحوية، لأن المقصود بالذات منه، تصحيح ما يتعلق بالاستدلال، ولا تعلق للاستدلال بسواهما، فإذا صححها وأمن اللحن والغلط فيهما، فقد حصل الغرض المقصود، فالزائد عليه مشغل عن الطريق.
(1) عمرو بن عثمان بن قنبر، أبو بشر، مولى بني الحارث بن كعب، وآل الربيع، المعروف بسيبويه، ومعناه «رائحة التفاح» وهو اسم كانت أمه تداعبه به في صغره.
أخذ سيبويه النحو والأدب عن الخليل بن أحمد، وكان الخليل يقول له عند ما يقبل عليه «مرحبا بزائر لا يمل» وما سمع الخليل يقولها لغيره.
يرجع أصل سيبويه إلى البيضاء من ارض فارس. ونشأ في البصرة ومات فيها سنة احدى وستين ومائة، وقيل مات بشيراز سنة ثمانين ومائة، وكان قد نيف على الاربعين وقد ذكر الياقوت له ترجمة مفصلة في معجمه فلتراجع هناك ج 16 ص 114.
(2) ابراهيم بن محمد بن عرفة بن سلمان بن المغيرة الازدي المعروف بنفطويه.
قال الثعالبي: لقب نفطويه تشبيها إياه بالنفط لدمامته وادمته. وقدر اللقب على مثال «سيبويه» باضافة «ويه» في آخره لأنه كان ينسب في النحو إليه ويجري في طريقته.
عالما بالعربية واللغة والحديث والفقه، أخذ عن ثعلب والمبرد. ولد سنة أربع وأربعين ومائتين.
قال محمد بن إسحاق النديم: وله من الكتب، كتاب التاريخ، وكتاب الاقتصارات وكتاب البارع، وغريب القرآن، والمقنع في النحو، والاستثناء والشرط في القراءة، والوزراء، والأمثال، والشهادات، والمصادر، والقوافي، وأمثال القرآن، وغير ذلك.
توفي سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، ودفن في مقابر باب الكوفة.
وللوقوف على أخباره ونوادره وأشعاره راجع معجم الادباء: ج 1 ص 254.
Page 80