Kashif Amin
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
Genres
وبعد فما أنكرتم من تصحيح الاعتبار الثالث وهو أن يتعلق العلم بنفي المشابهة ونفي الثاني بغيره تعالى من سائر الموجودات بأن يقال: هو علم يتعلق بجميع الموجودات من أنه لا يشابهه تعالى شيء منها ولا يصح أن يكون شيء منها معه إلها آخر، وهذا وجه صحيح لا مانع منه ولا بعد فيه إلا أن الكلام لما كان في مسائل التوحيد مسوقا للعلم بالله تعالى.
قلنا: إن ما ذكره أبو علي هو الأظهر. إلحاقا لها بين المسألتين وهما نفي مشابه له تعالى ونفي إله ثان بمسائل الباب، ولأنه السابق إلى الفهم عند تحرير الكلام فيهما.
إن قيل: أليس أن العلم باستحالة الجمع بين الضدين والنقيضين علم لا يتعلق بمعلوم، إذ لا وجود للضدين والنقيضين ولا ثبوت لهما عند مثبتي الذوات في العدم، وإذا كان كذلك فكذلك فيم ذكرنا من المسألتين المذكورتين.
قلنا: لا نسلم أنه علم لا معلوم له، فإن العلم باستحالة الجمع بين الضدين والنقيضين مركب من العلم بوجود أحد النقيضين أو الضدين وعدم إمكان مجامعة نقيضه أو ضده له، فصار علما متعلقا بمعلوم له موجود أحد شقيه معلوم انتفاء الآخر عنه، وهذا واضح، ولا يقال لا جدوى تحت هذه المباحث، فإن الكلام لا يخلو عن الإفادة ولا يقوى على استخراج المقاصد والمسائل إلا من أتعب نفسه في المبادي والوسائل، ولا يظفر بالدر الخالص إلا من غاص مع كل غائص، ومن زهد عن الاصطياد من الخضم الصافي كان صيده ماجزره البحر من الميت الطافي.
ماذا على من نال أسباب العلى .... أن أتعب الكفين في إمساكها
حتى ارتقى العليا وصارت ذاته .... فوق الأولى ظنوه في إنهاكها
Page 323