231

Kashif Amin

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

[ و] منه [ قوله تعالى ] {فأينما تولوا [ فثم وجه الله ]} [البقرة:115]، [ أي الجهة التي وجهكم الله إليها. ]، أي أمركم بالتوجه إليها، روي عن عطاء: عميت القبلة فصلوا على أنحاء مختلفة فلما أصبحوا تبينوا خطأهم فعذروا، ذكره في الكشاف، لأن فرض من لم يعاين القبلة التحري لجهتها فإذا انكشف الخطأ وقد خرج الوقت لم تجب الإعادة بل تلك الجهة التي استقبلها المتحري هي الجهة التي يجب عليه استقبالها في تلك الحال، وذكر في الكشاف معنى آخر في الآية وهي أن المراد إذا منعتم أن تصلوا في المسجد الحرام أو في بيت المقدس فقد جعلت لكم الأرض مسجدا فصلوا في أي بقعة شئتم من بقاعها وافعلوا التولية فيها، فإن التولية ممكنة في كل مكان لا يختص إمكانها في مسجد دون مسجد ولا في مكان دون، مكان والأول أظهر والله أعلم، [ وما ذكر من العين ] في قوله تعالى: {ولتصنع على عيني } [طه:39]،[ والأعين ] في قوله تعالى: {تجري بأعيننا} [القمر:14]،[ فا ] نما [ المراد به الحفظ والكلاءة والعلم ] لكن لما كان في الشاهد لا يتوصل إلى المحافظة على الشيء وحراسته وهو الكلاءة والعلم به إلا بمراقبة العين والإبصار له بها، عبر سبحانه عن حفظه وكلاءته وعلمه بذلك بذكر العين والأعين مشاكلة للعين المقدرة الخاطرة بذهن السامع والمخاطب عند ذكر الحفظ والكلاءة والعلم، وكما يقال ما صدر من فلان فهو بعيني - أي بعلمي ، وقيل: تجري بأعين أوليائنا الموكلين بها وهم الملائكة عليهم السلام، وقيل تجري بأعيننا الأعين المذكورة في أول الآية في قوله تعالى:{وفجرنا الأرض عيونا } [القمر:12]، وهذان التأويلان بعيدان والله أعلم، وأما قوله تعالى: {الرحمان على العرش استوى} [طه:5]،[ وقوله تعالى: { استوى على العرش { ] {الأعراف:54]، فقد اختلف في معنى العرش على قولين، فأحد قولي الإمام زيد بن علي والقاسم والهادي والمرتضى والإمام صاحب الأساس والإمام الشرفي شارحه وغيرهم: هو عبارة عن الله وملكه وسلطانه، واستواؤه عليه استيلاؤه بالقدرة والسلطان، واستعمال العرش في اللغة: العز والملك شائع، قال:

إذا ما بنو مروان ثلت عروشهم .... وأودوا كما أودت إياد وحمير

وقال آخر:

رأوا عرشي تثلم جانباه .... فلما أن تثلم أفردوني

وقال آخر يرثي قتيلا:

إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم .... بقتيبة بن الحارث بن شهاب

أي: هدمت عزهم وملكهم وسلطانهم بقتلك كبيرهم قتيبة بن الحارث، واستعمال الاستواء بمعنى الاستيلاء شائع أيضا قال:

قد استوى بشر على العراق .... من غير سيف ودم مهراق

وقال آخر:

Page 258