216

Kashif Amin

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

وكما ورد في أحاديث النزول ليلة عرفة مع الحجيج ومباهاته عز وجل ملائكته بهم، فإنما ذلك كناية عن رضائه عنهم وانصرافهم مغفورا لهم، وفي السنة كثير من ذلك صار شبهة للجاهلين وفتنة للضالين، ومع ورود ذلك في الكتاب العزيز فلا يمكن رد ما ورد من السنة بالأسانيد المعتبرة والطرق المتكاثرة إلا ما لا يحتمل التأويل المطابق للحكم وللأصول المقررة.

وكذلك ورد في كلام أمير المؤمنين عليه السلام: الحمد لله العالي في دنوه والداني في علوه،وقوله: الذي بعد فناء، وقرب فدنا، وعلا بحوله ودنا بطوله.

وقوله: والسماوات ممسكات بيده مطويات بيمينه سبحانه وتعالى.

وقوله: فاتقوا الله الذي أنتم بنعمته نواصيكم بيده وتقلبكم في قبضته. إلى غير ذلك.

قال الإمام يحيى بن حمزة عليه السلام في الطراز ما لفظه: فإذا قام البرهان العقلي على استحالة هذه الأعضاء على الله تعالى، وأنه منزه عن جميع أنواع التشبيهات المكونات الجسمية والعرضية وتوابعهما كالكون في الجهات والأعضاء والجوارح والحلول والمجيء والذهاب وغير ذلك من توابع الجسمية والعرضية، فلا بد من تأويل هذه الظواهر على ما تكون موافقة للحق وإعطاء البلاغة حقها لأن مخالفة العقل غير محتملة، وحمل الكلام على غير ظاهره محتمل، وتأويل المحتمل أحق من تأويل غير المحتمل، فلهذا وجب تأويلها وللعلماء في تأويلها مجريات:

المجرى الأول: الذي ينتجه علماء الكلام من الزيدية والمعتزلة وغيرهم من المنزهة، وهو أنهم يتأولون هذه الظواهر على تأويلات وإن بعدت حذرا من مخالفة العقل، واغتفر بعدها لأجل مخالفة العقل ويعضدون تأويلاتهم بأمور لغوية فيقولون : المراد باليد النعمة، وأن المراد بالعين العلم لا غير ذلك، وحملهم لها على هذه التأويلات لما لم يأنسوا بشيء من علم البيان ولا ولعوا بشيء من مصطلحاته، فجاءوا بهذه التأويلات الركيكة التي يأنف منها كل محصل ويزدريها نظر أهل البلاغة.

Page 243