124

al-Kasf wa-l-bayan

الكشف والبيان

Investigator

الإمام أبي محمد بن عاشور

Publisher

دار إحياء التراث العربي

Edition Number

الأولى ١٤٢٢

Publication Year

هـ - ٢٠٠٢ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

الكناية إلى الفضة لأنها الأغلب والأعم وإلى التجارة لأنها الأفضل والأهم ... وَإِنَّها واحد منهما، أراد بأن كل خصلة منهما لَكَبِيرَةٌ وقيل: رد الكناية إلى كل واحد منهما قال تعالى: وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً «١» ولم يقل: آيتين، أراد: جعلنا كل واحد منهما آية. حسن من علم يزينه حلم ... ومن ناله قد فاز بالفرج أي من نال كل واحد منهما. وقال آخر: لكل همّ من الهموم سعة ... والمسى والصبح لا فلاح معه «٢» وقيل: ردّ الهاء الى الصلاة لأنّ الصبر داخل في الصلاة كقوله: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ «٣» ولم يقل يرضوهما لأنّ رضا الرسول داخل في رضا الله، فردّ الكناية إلى الله. وقال الشاعر وهو حسّان: إنّ شرخ الشباب والشعر الأسود ... ما لم يعاص كان جنونا «٤» ولم يقل يعاصيا ردّه إلى الشباب، لأن الشعر الأسود داخل فيه. وقال الحسين بن الفضل: ردّ الكناية إلى الاستعانة، معناه: وأن الاستعانة بالصبر والصلاة لكبيرة ثقيلة شديدة إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ يعني المؤمنين، وقال ابن عباس: يعني المصلّين. الوراق: العابدين المطيعين. مقاتل بن حيان: المتواضعين، الحسن: الخائفين. قال الزجاج: الخاشع الذي يرى أثر الذل والخنوع عليه، وكخشوع الدار بعد الإقواء، هذا هو الأصل «٥» . وقال النابغة: رماد ككحل العين ما أن تبينه ... ونؤي كجذم الحوض أثلم خاشع الَّذِينَ يَظُنُّونَ يعلمون ويستيقنون، كقوله تعالى: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ «٦» أي أيقنت به. وقال دريد بن الصمة: فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج ... سراتهم في الفارسي المسرّد «٧»

(١) سورة المؤمنون: ٥٠. (٢) شرح الرضي على الكافية: ٤/ ٤٩٤ وفيه: لا بقاء معه. (٣) سورة التوبة: ٦٢. (٤) الصحاح: ١/ ٤٢٤. (٥) تفسير القرطبي: ١/ ٣٧٤. (٦) سورة الحاقة: ٢١. (٧) الصحاح: ٦/ ٢١٦٠.

1 / 189