وقال (١) تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّه﴾ إلى قوله ﴿وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ﴾ (٢)، قال المفسرون:
"الأسباب"هي الوصل التي كانت بينهم في الدنيا، وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْأِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْأِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيم﴾ (٣) وما تضمنته هذه الآيات هي أسباب لأهل الإشراك يعتقدون أنها سبب في حصول مطلوبهم، ودفع مرهوبهم، فخانتهم هذه الأسباب أحوج ما كانوا إليها؛/لأنها شرك وضلال، وهي من مصائد الشيطان التي صاد بها قلوب الجهال، فمن أطاع الشيطان ندم ومن عصاه سلم، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. وأعظم الأسباب النافعة الجالبة لرضى الله، المنجية من عقابه وعذابه: إخلاص العبادة لله تعالى بجميع أنواعها؛ والاستعانة على ذلك، والعمل بطاعته والتباعد عن معصيته. قال شيخ الإسلام ابن تيمية (٤) رحمه الله تعالى: (والتوكل والاستعانة للعبد؛ لأنه هو الوسيلة؛ والطريق الذي به ينال مقصوده، ومطلوبه من العبادة؛ فالاستعانة كالدعاء والمسألة) .
فإذا عرفت بصحيح المنقول، وصريح المعقول أن الدعاء عبادة، وأن مدلوله السؤال، والطلب فمن صرف من هذه العبادات شيئًا لغير الله فقد أشرك
_________
(١) في "ش": "وقد قال ... ".
(٢) سورة البقرة، الآيات: ١٦٥و١٦٦.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ١٢٨. وفي "ش: " ... نحشرهم"، وهو خطأ.
(٤) انظر "الفتاوى": (١٠/٢٠) .
1 / 76