الأخرى: ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِر﴾ (١) فسماه تعالى دعاء (٢) . ولا ريب أن الدعاء يجتمع فيه من أنواع العبادة ما لا يجتمع في غيره من أنواع العبادات، والنداء كذلك (٣)، كتوجه الوجه والقلب واللسان للمدعو، تذللا له (٤) وخضوعًا/ واستكانة ورغبة، وهذا هو العبادة؛ لأن أصل العبادة وأساسها أن يخضع غاية الخضوع والتذلل للمعبود، ولا بد مع ذلك من المحبة، وأنت ترى ما يفعله المشركون من إقبالهم على الأموات بسؤالهم ما لا قدرة لهم عليه، وتجد عندهم من الخضوع والتذلل وإسلام الوجه والقلب والجوارح لسؤال صاحب القبر ما لا يوجد مثله (٥) في المساجد، وهذا لا يخفى على من عرف حال هؤلاء المشركين مع من كانوا (٦) يقصدون (٧) لإغاثة لهفاتهم وتفريج كرباتهم، فيقع منهم من الشرك بالله ما يجل عن الوصف (٨ فعبدوا غير الله بالقول والاعتقاد، وأقبلوا عليه بقلوبهم وألستنهم وجوارحهم، وهذا الواقع لا يقدر أحد أن يجحده، فقد عمت به البلوى في الأمصار، وأكثر الأقطار والله أعلم٨) (٨) . وأما قول (٩) هذا الجاهل العراقي: (وكذلك المسلمون يذكرون أن طلبتهم
_________
(١) سورة القمر، الآية: ١٠.
(٢) في "ش": "نداء"، وهو خطأ.
(٣) سقط "والنداء كذلك" من: (المطبوعة) .
(٤) سقطت "له" من: "ش".
(٥) سقطت "مثله" من: "م" و"ش".
(٦) سقطت "كانوا " من: (المطبوعة) .
(٧) في "ش": " يقصدونه".
(٨) ما بين القوسين سقط من: (المطبوعة) .
(٩) في "ش": بياض بمقدار كلمتين: (في المصورة التي لدي) .
1 / 73